للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ شُرُوطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ الْعَائِدَةِ إلَى الْمَسْكُوتِ عَنْهُ]

لِلْقَوْلِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ شُرُوطٌ: مِنْهَا مَا يَرْجِعُ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ، وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ لِلْمَذْكُورِ. فَمِنْ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ أَوْلَى بِذَلِكَ الْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ، فَإِنْ كَانَ أَوْلَى مِنْهُ كَانَ مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ، أَوْ مُسَاوِيًا كَانَ قِيَاسًا جَلِيًّا عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ.

وَمِنْهَا: أَنْ لَا يُعَارَضَ بِمَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ، فَيَجُوزُ تَرْكُهُ بِنَصٍّ يُضَادُّهُ وَبِفَحْوَى مَقْطُوعٍ بِهِ يُعَارِضُهُ، كَفَهْمِ مُشَارَكَةِ الْأَمَةِ الْعَبْدَ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ، فَأَمَّا الْقِيَاسُ فَلَمْ يُجَوِّزُ الْقَاضِي تَرْكَ الْمَفْهُومِ بِهِ مَعَ تَجْوِيزِهِ تَرْكَ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ، هَكَذَا نَقَلَهُ فِي " الْمَنْخُولِ ". قَالَ: وَلَعَلَّهُ قَرِيبٌ مِمَّا اخْتَرْنَاهُ فِي الْمَفْهُومِ، فَإِنَّهُ تِلْقَاءَ الظَّاهِرِ، وَالْعُمُومُ قَدْ لَا يُتْرَكُ بِالْقِيَاسِ، بَلْ يَجْتَهِدُ النَّاظِرُ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الظَّنَّيْنِ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْقِيَاسِ إذَا عَارَضَهُ الْعُمُومُ. اهـ. وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْقَاضِي التَّوَقُّفُ فِي تَجْوِيزِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ.

وَقَالَ صَاحِبُ " الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ ": الْقَوْلُ بِالْمَفْهُومِ عِنْدَ تَجَرُّدِهِ عَنْ الْقَرَائِنِ، أَمَّا إذَا اقْتَرَنَ بِظَاهِرِ الْخِطَابِ قَرِينَةٌ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِدَلَالَةِ الْخِطَابِ حُكْمٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَقَالَ شَارِحُ " اللُّمَعِ ": دَلِيلُ الْخِطَابِ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، كَالنَّصِّ وَالتَّنْبِيهِ، فَإِنْ عَارَضَهُ أَحَدُ هَؤُلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>