للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْعَلَاقَةُ الثَّامِنَةُ الْمُجَاوَرَةُ]

ُ: وَهِيَ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يُجَاوِرُهُ، كَإِطْلَاقِ لَفْظِ الرَّاوِيَةِ عَلَى الْقِرْبَةِ الَّتِي هِيَ ظَرْفٌ لِلْمَاءِ، فَإِنَّ الرَّاوِيَةَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْبَعِيرِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْقِرْبَةِ لِمُجَاوَرَتِهِ لَهَا، وَكَذَا قَوْلُهُمْ: جَرَى الْمِيزَابُ، وَكَالْغَائِطِ لِلْفَضْلَةِ الْمُسْتَقْذَرَةِ؛ لِأَنَّهَا تُجَاوِرُ الْمَكَانَ الْمُطْمَئِنَّ غَالِبًا، كَقَوْلِهِ:

فَشَكَكْت بِالرُّمْحِ الْأَصَمِّ ثِيَابَهُ ... لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ

أَرَادَ بِثِيَابِهِ نَفْسَهُ.

[الْعَلَاقَةُ التَّاسِعَةُ اعْتِبَارُ مَا كَانَ عَلَيْهِ]

ِ] : تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ كَتَسْمِيَةِ الْمُعْتَقِ عَبْدًا وَالْآدَمِيِّ مُضْغَةً وقَوْله تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] إذْ لَا يُتْمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقِيلَ: إنَّ هَذَا الْقِسْمَ حَقِيقَةٌ، وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ الضَّارِبَ الْحَقِيقِيَّ هَلْ هُوَ مَنْ اتَّصَفَ بِإِيجَادِ الضَّرْبِ أَوْ مَنْ هُوَ آخِذٌ فِي إيجَادِهِ؟ وَقَدْ سَبَقَتْ فِي مَبَاحِثِ الِاشْتِقَاقِ عَلَى أَنَّ الْقَائِلَ بِكَوْنِهِ حَقِيقَةً لَمْ يُرِدْ تَحْقِيقَ الْمَعْنَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا إذَا أُرِيدَ جَعْلُهُ ضَارِبًا بَعْدَ ضَرْبِهِ بِتَخَيُّلِ ضَرْبٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَهُوَ مَجَازٌ قَطْعًا. وَاعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مُتَلَبِّسًا الْآنَ بِضِدِّهِ فَلَا يُقَالُ لِلشَّيْخِ: إنَّهُ طِفْلٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، وَلَا لِلثَّوْبِ الْأَسْوَدِ: إنَّهُ أَبْيَضُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، وَلِهَذَا امْتَنَعَ إطْلَاقُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ لِكُفْرٍ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>