للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا وِفَاقُ مَنْ سَيُوجَدُ، فَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا. فَإِذَا حَدَثَتْ حَادِثَةٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا قَوْلٌ لِمَنْ سَلَفَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بِقَوْلِ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ اُعْتُبِرَ لَمَا انْعَقَدَ أَبَدًا إجْمَاعٌ، حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى خَطَأٍ» فَلَا يُخَالِفُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَنْ صَدَّقَ بِهِ وَقْتَ مَبْعَثِهِ وَإِلَى الْأَبَدِ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا بِقَصْدِهِ مِنْ هَذَا أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّكْلِيفِ، وَالِالْتِزَامِ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ.

[انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

[الْمَسْأَلَةُ] التَّاسِعَةُ [انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ، وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ قَوْلُهُمْ دُونَهُ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ فَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ النَّسْخِ، إذْ جَوَّزْنَا لَهُمْ الِاجْتِهَادَ فِي زَمَانِهِ، كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ، فَلَعَلَّهُمْ اجْتَهَدُوا فِي مَسْأَلَةٍ، وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِهِمْ. وَقَدْ نَقَلَ الْقَرَافِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنِ بَرْهَانٍ جَوَازَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فِي زَمَانِهِ. قَالَ: وَشُهُودُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعِصْمَةِ مُتَنَاوِلٌ لِمَا فِي زَمَانِهِ، وَمَا بَعْدَهُ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ، وَاَلَّذِي وَجَدْته فِي الْأَوْسَطِ " لِابْنِ بَرْهَانٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>