قَالَ: الْعَجَبُ مِنْهُمْ فِي رَدِّهِ مَعَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ رَوَاهُ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الرَّاوِي إذَا كَانَ فَقِيهًا كَابْنِ مَسْعُودٍ قُبِلَ حَدِيثُهُ، سَوَاءٌ وَافَقَ الْقِيَاسَ أَمْ لَا، وَلَا يَضُرُّهُ عَمَلُ أَكْثَرِ الْأُمَّةِ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَعْضِ لَيْسَ حُجَّةً خِلَافًا لِقَوْمٍ، لَكِنَّ قَوْلَ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ، فَتُقَدَّمُ عِنْدَ التَّعَارُضِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا عَارَضَ خَبَرُ الْوَاحِدِ خَبَرًا آخَرَ مِثْلَهُ مُعْتَضِدًا بِعَمَلِ الْأَكْثَرِ قُدِّمَ عَلَى الْآخَرِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ عَمَلُ الْأَكْثَرِ، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: ذَهَبَ أَهْلُ الْعِرَاقِ إلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ كَالصَّلَاةِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَقْبَلَهُ الْأَكَابِرُ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَإِذَا رَأَيْنَاهُمْ لَا يَقْبَلُونَهُ وَلَا يُخَالِفُونَهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ مَتْرُوكٌ، قَالَ: وَهَذَا مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، حَتَّى يَقُومَ مُعَارِضٌ مِنْ نَسْخٍ أَوْ تَأْوِيلٍ، وَقَدْ وَجَدْنَا الْأَكَابِرَ مِنْهُمْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ أَشْيَاءُ. مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ فُورَكٍ: وَلَا يُرَدُّ بِأَنْ يَفْعَلَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِهِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَافِيًا لِمَا يَقْتَضِي الْعَقْلُ إثْبَاتَهُ فَيُرَدُّ.
[مَسْأَلَةٌ رَدُّ الْحَدِيثِ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ]
ِ] وَلَا يَضُرُّهُ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِهِ خِلَافًا لِمَالِكٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ مَعَ أَنَّهُ الرَّاوِي لَهُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَإِذَا فُسِّرَ عَمَلُهُمْ بِالْمَنْقُولِ تَوَاتُرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute