وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِ الْمُلَاعِنِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ، هَلْ هُوَ يَمِينٌ مُؤَكَّدٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، أَوْ يَمِينٌ فِيهَا ثُبُوتُ شَهَادَةٍ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ.
[الْمَوْطِنُ الثَّامِنُ فِي تَقْسِيمَاتِ الْخَبَرِ]
الْمَوْطِنُ الثَّامِنُ فِي تَقْسِيمَاتِهِ اعْلَمْ أَنَّ الْخَبَرَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، لَكِنْ قَدْ يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ أَوْ صِدْقِهِ بِأُمُورٍ خَارِجَةٍ أَوْ لَا يُقْطَعُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِفُقْدَانِ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُظَنُّ الصِّدْقُ، وَقَدْ يُظَنُّ الْكَذِبُ، وَقَدْ يَسْتَوِيَانِ. الْأَوَّلُ: مَا يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ، وَهُوَ إمَّا أَنْ يُعْلَمَ بِالضَّرُورَةِ، أَوْ النَّظَرِ، فَالْأَوَّلُ: كَقَوْلِنَا: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ. وَالثَّانِي: ضَرْبَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ الْخَبَرِ فِي نَفْسِهِ، فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ صَادِقًا، وَهُوَ ضُرُوبٌ. أَحَدُهَا: خَبَرُ مَنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصِّدْقَ وَصْفٌ وَاجِبٌ لَهُ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى. الثَّانِي: مَنْ دَلَّتْ الْمُعْجِزَةُ عَلَى صِدْقِهِ، وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ ادَّعَوْا الصِّدْقَ، وَظَهَرَتْ الْمُعْجِزَاتُ عَلَى الْوَفْقِ. الثَّالِثُ: مَنْ صَدَّقَهُ اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ، وَهُوَ خَبَرُ كُلِّ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ قَطْعِيٌّ. الرَّابِعُ: خَبَرُ الْعَدَدِ الْعَظِيمِ عَنْ الصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِقُلُوبِهِمْ مِنْ الشَّهْوَةِ وَالنَّفْرَةِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ؛ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَالثَّابِتُ فِي الْمَعْنَوِيِّ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute