[هَلْ يُؤَوَّلُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْبَحْثِ فِي الْمُخَصِّصِ إلَى الْقَوْلِ بِالْوُقُوفِ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ]
الْأَمْرُ السَّابِعُ: يَلْزَمُ عَلَى الْمُصَحِّحِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَالْجُمْهُورِ الْقَوْلُ بِالْوَقْفِ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ فَإِنَّا لَمْ نَعْتَقِدْ أَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي الْعُمُومِ، وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ حَتَّى يَبْحَثَ عَنْ الْمُخَصِّصِ، فَقَدْ تَرَكَ الْقَوْلَ بِالْعُمُومِ، وَصَارَ إلَى مَذْهَبِ الْوَاقِفِيَّةِ. وَعَلَى هَذَا جَرَى ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ، وَهُوَ مِنْ الْوَاقِفِيَّةِ، فَقَالَ: غَلِطَ عَلَيْنَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمَذْهَبَيْنِ يَفْتَرِقَانِ، فَإِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ يُمْضِي الْعُمُومَ إذَا عَدِمَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: بِدَلَالَةِ غَيْرِ نَفْسِ الْكَلَامِ، قَالَ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ عِنْدَنَا؛ بَلْ نَقُولُ: اللَّفْظُ مُشْتَرَكٌ، وَلَا نَهْجُمُ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بِتَبَيُّنٍ وَبَحْثٍ، فَإِنْ وَجَدْنَا مَا يَخُصُّهُ عَمِلْنَا بِعُمُومِهِ، وَرَجَعْنَا إلَى نَفْسِ الْكَلَامِ بِالْقَرِينَةِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ ": بِنَاءُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى حَرْفٍ، وَهُوَ أَنَّ اعْتِقَادَ الْعُمُومِ عِنْدَنَا يُؤَدِّي إلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِغْرَاقِ، وَالْقَوْلِ بِالْوَقْفِ، وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا اخْتَارَ هُوَ قَوْلَ الصَّيْرَفِيِّ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ سُرَيْجٍ وَالْوَاقِفِيَّةِ قَدْ اتَّفَقَ عَلَى تَرْكِ الْهُجُومِ عَلَى إمْضَاءِ الْكَلَامِ عَلَى الْعُمُومِ قَبْلَ الْبَحْثِ، إلَّا أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ يُمْضِيهِ عَلَى عُمُومِهِ إذَا عَدِمَ الدَّلَائِلَ الْخَاصَّةَ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ، وَالْوَاقِفِيَّةِ يَقُولُونَ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ عَلَى خُصُوصِ حُكْمِ الِاسْتِيعَابِ.
قَالَ إلْكِيَا فِي " الْمَدَارِكِ ": ظَنَّ الْوَاقِفِيَّةُ أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ يُوَافِقُهُمْ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، فَإِنَّهُ قَالَ: الْأَلْفَاظُ تُطْلَقُ وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْمَعَانِي الَّتِي تَحْتَهَا، فَيَكُونُ الْكَلَامُ عَامًّا فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا، وَقَدْ يَكُونُ عَامَّ اللَّفْظِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَعْنًى دُونَ مَعْنًى، فَإِذَا وَرَدَ فِي الْكَلَامِ نَظَرْنَا، فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ دَلَائِلُ تَدُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute