للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُنْ بَلَدٌ أَوْلَى مِنْ بَلَدٍ، وَلَا مَكَانٌ أَوْلَى مِنْ مَكَان، وَلَا نَاسٌ أَوْلَى وَأَحْفَظَ لِدِينِ اللَّهِ مِنْ نَاسٍ، وَهُمْ فِي الْإِصَابَةِ شُرَكَاءُ، وَفِي الْحُكْمِ بِمَا أَلْقَى إلَيْهِمْ مُتَّفِقُونَ. قَالَ: وَكَانَ يُطِيلُ الْكَلَامَ فِي تَهْجِيرِ الْمُدْلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْأَحْكَامِ: هَذَا الْقَوْلُ لَصِقَ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مُحْتَجِّينَ بِمَا رُوِيَ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِفَضْلِ أَهْلِهَا، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ فِي غَيْرِهَا، وَقَدْ تَرَكُوا مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سُجُودَهُمْ مَعَ عُمَرَ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: ١] وَسُجُودَهُمْ مَعَهُ إذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ، وَنَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ فَسَجَدَ، وَفَعَلَ عُمَرُ إذْ أَعْلَمَ عُثْمَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَقَالُوا: لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ مَالِكًا لَمْ يَدَّعِ إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إلَّا فِي ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً فِي مُوَطَّئِهِ فَقَطْ، وَقَدْ تَتَبَّعْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا مِنْهَا مَا هُوَ إجْمَاعٌ، وَمِنْهَا مَا الْخِلَافُ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي الْمَدِينَةِ، كَوُجُودِهِ فِي غَيْرِهَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ عَمِيدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَرَى إفْرَادَ الْأَذَانِ، وَالْقَوْلُ فِيهِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعُمُرِ، وَبِلَالُ يُكَرِّرُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَمَالِكٌ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَالزُّهْرِيُّ يَرَى الزَّكَاةَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ، وَمَالِكٌ لَا يَرَاهَا، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمْ مُنَاقَضَاتٍ كَثِيرَةً.

[إجْمَاعُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالْمِصْرَيْنِ]

[إجْمَاعُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالْمِصْرَيْنِ] الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ إجْمَاعُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ: مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَالْمِصْرَيْنِ: الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ، لَيْسَ بِحُجَّةٍ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ. قَالَ الْقَاضِي: وَإِنَّمَا صَارُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>