للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّنْزِيلِ مَحْذُوفَاتٍ جَاءَتْ لِلِاخْتِصَارِ لِمَعَانٍ رَائِقَةٍ، فَكَذَلِكَ تَقُولُ فِي الزِّيَادَةِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى الزِّيَادَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَلَامِ، وَيَقُولُ: هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الَّتِي يَحْمِلُونَهَا عَلَى الزِّيَادَةِ جَاءَتْ لِفَوَائِدَ وَمَعَانٍ تَخُصُّهَا، فَلَا أَقْضِي عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ.

وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى هَذَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دُرُسْتَوَيْهِ، وَكَانَ عَالِيًا فِي هَذَا الْبَابِ مُغَالِيًا فِي عِلْمِ الِاشْتِقَاقِ، وَكَانَ يُزَاحِمُ الزَّجَّاجَ فِيهِ بِمَنْكِبِهِ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ نَاظَرَهُ فِيهِ.

قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْقَائِلُ بِالزِّيَادَةِ إثْبَاتَ مَعْنًى لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَهَذَا بَاطِلٌ، وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ، لِأَنَّهُ عَبَثٌ فَتَعَيَّنَ أَنَّ إلَيْنَا بِهِ حَاجَةً لَكِنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْأَشْيَاءِ قَدْ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَقْصِدِ فَلَيْسَتْ الْحَاجَةُ إلَى اللَّفْظِ الَّذِي عَدَّ هَؤُلَاءِ زِيَادَةً كَالْحَاجَةِ إلَى اللَّفْظِ الَّذِي رَأَوْهَا مَزِيدَةً عَلَيْهِ، لِأَنَّ هَذَا بِالِاتِّفَاقِ مِنَّا وَمِنْهُمْ إنْ اخْتَلَّ اخْتَلَفَتْ بِهِ الْفَائِدَةُ فَلَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ دُونَهُ كَلَامًا وَاَلَّذِي سَمَّوْهُ زَائِدًا إنْ اخْتَلَّ بِهِ كَانَتْ الْفَائِدَةُ دُونَهُ، وَالْجُمْلَةُ مُقْتَصَرًا بِهَا عَلَى مَا يُمَيِّزُهُ أَكْثَرِيَّةُ فَائِدَةٍ وَأَقْرَبُ، وَعَلَى هَذَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ.

[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْنِيَ بِكَلَامِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ مُطْلَقًا، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ خِلَافًا لِلْمُرْجِئَةِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>