كَذَا ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ " قَالَ: وَالنَّظَرُ فِيهَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَحْثِ عَنْ مُتَعَلَّقِ التَّكْلِيفِ.
[مَسْأَلَةٌ الْمُكَلَّفُ بِهِ فِي النَّهْيِ]
ِ] لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فِي الْأَمْرِ الْفِعْلُ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمُكَلَّفِ بِهِ فِي النَّهْيِ هَلْ الْمُكَلَّفُ بِهِ ضِدُّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، أَوْ عَدَمُ الْفِعْلِ؟ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَمَعْنَى " لَا تَزْنِ " عِنْدَهُمْ تَلَبُّسُ ضِدٍّ مِنْ أَضْدَادِ الزِّنَى أَيْ: افْعَلْ فِعْلًا غَيْرَهُ مُبَاحًا أَيَّ فِعْلٍ كَانَ. وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ: مَعْنَاهُ لَا تَفْعَلْ الزِّنَى مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلضِّدِّ حَتَّى لَوْ خَلَا عَنْ الْمَأْمُورِ وَعَنْ كُلِّ تَرْكٍ لَهُ اسْتَحَقَّ الذَّمَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَمَّا بَاحَ بِهَذَا خَالَفَهُ أَصْحَابُنَا مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَقَالُوا: مَا زِلْت مُنْكِرًا عَلَى الْجَبْرِيَّةِ إثْبَاتَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ عَلَى مَا لَيْسَ بِخَلْقٍ لَهُمْ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ لَهُمْ عَلَى التَّحْقِيقِ، ثُمَّ صِرْت إلَى ثُبُوتِ الذَّمِّ مِنْ غَيْرِ إقْدَامٍ عَلَى فِعْلٍ. وَسُمِّيَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَبُو هَاشِمٍ الذِّمِّيُّ حَيْثُ إنَّهُ عَلَّقَ بِالذَّمِّ الْمَعْدُومَ، وَهَذَا يَهْدِمُ جُمْلَةَ قَوَاعِدِهِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيزِ. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّظَرَ هَلْ هُوَ إلَى صُورَةِ اللَّفْظِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْعَدَمُ؟ فَإِذَا قَالَ: لَا تَتَحَرَّكْ، فَعَدَمُ الْحَرَكَةِ هُوَ مُتَعَلَّقُ النَّهْيِ، أَوْ يُلَاحَظُ أَنَّ الطَّلَبَ إنَّمَا وُضِعَ لِمَا هُوَ مَقْدُورٌ مِمَّا لَيْسَ بِمَقْدُورٍ، وَلَا يُطْلَبُ عَدَمُهُ، وَالْعَدَمُ نَفْيٌ صِرْفٌ، فَلَا يَكُونُ مَقْدُورًا، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ طَلَبٌ، فَتَعَيَّنَ تَعَلُّقُ الطَّلَبِ بِالضِّدِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute