للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النَّسْخِ]

أَرْكَانُ النَّسْخِ ثَلَاثَةٌ: النَّاسِخُ، وَالْمَنْسُوخُ، وَالْمَنْسُوخُ عَنْهُ. أَمَّا النَّاسِخُ فَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَتَسْمِيَةُ خِطَابِهِ الدَّالِّ عَلَى النَّسْخِ نَاسِخًا تَوَسُّعٌ، إذْ بِهِ يَقَعُ النَّسْخُ، كَمَا يُقَالُ: صَوْمُ رَمَضَانَ نَاسِخٌ لِصَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَالْمَنْسُوخُ هُوَ الْمُزَالُ، وَهُوَ الْحُكْمُ الْمُرْتَفِعُ أَوْ الْمُبَيَّنُ عَلَى الْخِلَافِ. وَالْمَنْسُوخُ عَنْهُ هُوَ الْمُتَعَبِّدُ بِالْعِبَادَةِ الْمُزَالَةِ. .

[مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبَدَاءَ]

وَلَا يَسْتَلْزِمُ النَّسْخُ الْبَدَاءَ إذْ النَّسْخُ بِأَمْرٍ، وَالْبَدَاءُ الظُّهُورُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، خِلَافًا لِلرَّافِضَةِ وَالْيَهُودِ، فَإِنَّهُمْ ادَّعَوْا اسْتِلْزَامَهُ. فَلَزِمَهُمْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ، فَقَالَتْ الْيَهُودُ: لَا يَجُوزُ النَّسْخُ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْبَدَاءِ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ الرَّافِضَةُ: يَجُوزُ الْبَدَاءُ عَلَيْهِ لِجَوَازِ النَّسْخِ مِنْهُ. وَالْكُلُّ كُفْرٌ. وَالثَّانِي أَغْلَظُ إذْ يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُكَفَّرُ بِأَنْ يُجْعَلَ التَّعَبُّدُ بِكُلِّ شَرْعٍ مُغَيَّا إلَى ظُهُورٍ آخَرَ. وَبِهَذَا الْمَعْنَى أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ ": مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيَّةِ فِي النَّسْخِ يُؤَدِّي إلَى جَوَازِ الْبَدَاءِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ بِصِيغَتِهِ عِنْدَهُمْ لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِغْرَاقِ الْأَعْيَانِ وَالْأَزْمَانِ، حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ يَخُصُّهُ، وَلَفْظُ الْعُمُومِ فِي الْأَزْمَانِ لَا يَقْتَرِنُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>