للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْقَوَاطِعِ ": وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ الْفُقَهَاءُ. قُلْت: لَكِنَّهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ يَكُونُ مِنْ عُمُومِ الْمَفْهُومِ، فَلَمَّا قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا غَيْرُهَا، وَهَذَا عَامٌّ فَاسْتَثْنَى مِنْهُ أَلْفَيْنِ. وَتَجِيءُ بِمَعْنَى " غَيْرَ "، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] وَجَعَلَ الْخَطَّابِيُّ مِنْهُ قَوْلَنَا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. قَالَ: فَإِلَّا هُنَا بِمَعْنَى غَيْرَ لَا بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إمَّا مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَمَنْ تَوَهَّمَ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدًا مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَقَدْ أَبْطَلَ. قَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ: وَهَذَا تَوَهُّمٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا تَكُونَ " إلَّا " فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٧] وَقَوْلُهُ {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٦٧] اسْتِثْنَاءٌ وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى " غَيْرَ " وَلَا يَقُولهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ " إلَّا " إذَا كَانَتْ صِفَةً كَانَ الِاسْمُ الْوَاقِعُ بَعْدَهَا إعْرَابَ الْمَوْصُوفِ بِهِ، أَوْ كَانَ تَابِعًا لَهُ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ. قَالَ: وَالِاسْمُ بَعْدَ " إلَّا " فِي الْآيَتَيْنِ مَنْصُوبٌ كَمَا تَرَى، وَلَيْسَ قَبْلَ " إلَّا " فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَنْصُوبٌ، فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مَوْصُوفٌ بِإِلَّا.

[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي ثُمَّ]

ثُمَّ: يَتَعَلَّقُ الْكَلَامُ فِيهَا بِمَبَاحِثَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>