للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الِاعْتِرَاضَاتُ]

ُ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا يُورِدُهُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى كَلَامِ الْمُسْتَدِلِّ يُسَمَّى (اعْتِرَاضًا) لِأَنَّهُ اعْتَرَضَ لِكَلَامِهِ وَمَنَعَهُ مِنْ الْجَرَيَانِ. قَالَ صَاحِبُ " خُلَاصَةِ الْمَآخِذِ ": الِاعْتِرَاضُ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنًى لَازِمُهُ، [هَدْمُ] قَاعِدَةِ الْمُسْتَدِلِّ، وَهُوَ جَامِعٌ مَانِعٌ. ثُمَّ حَصَرَهُ فِي عَشَرَةِ أَنْوَاعٍ: وَقَالَ: مَا عَدَاهُ دَاخِلٌ فِيهِ: فَسَادُ الْوَضْعِ، فَسَادُ الِاعْتِبَارِ، عَدَمُ التَّأْثِيرِ، الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ، النَّقْضُ، الْقَلْبُ، الْمَنْعُ، التَّقْسِيمُ، الْمُطَالَبَةُ، الْمُعَارَضَةُ. قَالَ: وَالْكُلُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ إلَّا الْمَنْعَ وَالْمُطَالَبَةَ، مَعَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا شَاذًّا، وَخَالَفَ فِي الْمَنْعِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الْعَنْبَرِيُّ، عَلَى حَسَبِ مَا سَمِعْته مِنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ أَحْمَدَ الْخَطَّابِيِّ. انْتَهَى.

وَتَنْقَسِمُ فِي الْأَصْلِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُطَالَبَاتٌ، وَقَوَادِحُ، وَمُعَارَضَةٌ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ تَسْلِيمَ مُقَدَّمَاتِ الدَّلِيلِ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ: الْمُعَارَضَةُ، وَالثَّانِي: إمَّا أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ ذَلِكَ الدَّلِيلَ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ الْمُطَالَبَةُ، وَالثَّانِي الْقَادِحُ.

وَقَدْ أَطْنَبَ الْجَدَلِيُّونَ فِيهَا، لِاعْتِمَادِهِمْ إيَّاهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْهَاهَا إلَى الثَّلَاثِينَ، وَغَالِبُهَا يَتَدَاخَلُ. وَأَعْرَضَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ذِكْرِهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَزَعَمَ أَنَّهَا كَالْعِلَاوَةِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ مَوْضِعَ ذِكْرِهَا عِلْمُ الْجَدَلِ. وَذَكَرَهَا جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ لِأَنَّهَا مِنْ مُكَمِّلَاتِ الْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَمُكَمِّلُ الشَّيْءِ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلِهَذِهِ الشُّبْهَةِ أَكْثَرَ قَوْمٌ مِنْ ذِكْرِ الْمَنْطِقِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ الْكَلَامِيَّةِ، لِأَنَّهَا مِنْ مَوَادِّهِ وَمُكَمِّلَاتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>