وَاثْنَانِ، وَيَسْمَعُ بِرِوَايَاتِهِ سَائِرُ مَنْ شَهِدَ الْحَالَ، فَلَا يُكْرَهُ، فَيَدُلُّ تَرْكُ إنْكَارِهِمْ لَهُ عَلَى صِدْقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي جَارِي الْعَادَةِ إمْسَاكُهُمْ جَمِيعًا عَنْ رَدِّ الْكَذِبِ، وَتَرْكِ الْإِنْكَارِ، وَقَالَ: وَعَلَى هَذَا وَرَدَتْ أَكْثَرُ سِيَرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَكْثَرُ أَحْوَالِهِ فِي مَغَازِيهِ. قَالَ: وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ جِدًّا.
[الثَّامِنَةُ أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِحَضْرَةِ النَّبِيّ وَلَا حَامِلَ لَهُ عَلَى الْكَذِبِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ]
الثَّامِنَةُ: إذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِحَضْرَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا حَامِلَ لَهُ عَلَى الْكَذِبِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ، فَيَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ قَطْعًا فِي الْمُخْتَارِ، خِلَافًا لِلْآمِدِيِّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ. وَمِمَّنْ جَزَمَ بِالْأَوَّلِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَسُلَيْمٌ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، لَكِنَّ شَرْطًا أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهِ، وَلَا يُكَذِّبَهُ وَقِيلَ: إنْ كَانَ عَنْ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ لَمْ يَدُلَّ عَلَى صِدْقِهِ، أَوْ دِينِيٍّ دَلَّ. وَاخْتَارَهُ الْهِنْدِيُّ بِشُرُوطِ التَّقْرِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقُشَيْرِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا أَخْبَرَ الْمُخْبِرُ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ، فَتَقْرِيرُ الرَّسُولِ عَلَى إخْبَارِهِ، وَلَا يُنْكِرُهُ عَلَيْهِ مَعَ دَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى انْتِفَاءِ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ قَطْعًا. وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ إنْ كَانَ عَنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ فَإِنَّمَا يُجْزَمُ بِصِدْقِهِ بِشُرُوطٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْعَمَلِ بِهِ قَدْ دَخَلَ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْإِنْكَارِ يُحْتَمَلُ؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute