قَالَ: وَأَمَّا مُعَارَضَةُ الْفَاسِدِ بِالْفَاسِدِ فَهَلْ تَجُوزُ؟ إنْ أَمْكَنَهُ إيضَاحُ الْفَسَادِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا. وَمِثْلُهَا بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ: لَا يَصِيرُ مُفْرِطًا بِتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ، فَلَا يَلْزَمُ إخْرَاجُهَا إذَا تَلِفَ الْمَالُ أَوْ مَاتَ. فَيُقَالُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِحَالٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بِتَأْخِيرِهَا وَلَا تَرْكِهَا أَصْلًا
(قَالَ) : وَقَدْ يُعَارَضُ الْمُحَالُ بِالْمُحَالِ: كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ: مَا أَدْرَكَهُ الْمَأْمُومُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ. فَيُقَالُ لَهُ: لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ آخِرٌ بِلَا أَوَّلٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلٌ بِلَا آخِرٍ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَاءٌ لَا نَجِسٌ وَلَا طَاهِرٌ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَاءٌ نَجِسٌ وَطَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَابِلَ لِلضِّدَّيْنِ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِهِمَا.
(قَالَ) : وَهَذَا النَّوْعُ لَيْسَ بِمُعَارَضَةٍ حَقِيقَةً وَلَكِنْ قُصِدَ بِهِ امْتِحَانُ الْمَذَاهِبِ. (انْتَهَى) . وَمَسْأَلَةُ مُعَارَضَةِ الدَّعْوَى بِالدَّعْوَى سَبَقَتْ فِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهَا. وَصَرَّحَ الصَّيْرَفِيُّ فِي كِتَابِ " الدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ " بِمَنْعِهَا، لِعَدَمِ فَائِدَتِهَا، إذْ لَا يُلْزَمُ أَحَدٌ بِدَعْوَى الْآخَرِ. قَالَ الْإِمَامُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْرَجَ دَعْوَاهُ مَخْرَجَ الْحُجَّةِ فَيُعَارِضُ بِمِثْلِهَا. كَقَوْلِ الْمَالِكِيِّ: الْمُسْتَحَاضَةُ تَسْتَظْهِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. فَقِيلَ لَهُ: فَمَا الْفَصْلُ بَيْنَك وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: لَا تَسْتَظْهِرُ، أَوْ تَسْتَظْهِرُ بِيَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فَالْقَوْلُ سَاقِطٌ.
[السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ سُؤَالُ التَّعْدِيَةِ]
السَّادِسَ عَشَرَ: سُؤَالُ التَّعْدِيَةِ وَأَدْرَجَهُ الْهِنْدِيُّ فِي سُؤَالِ الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُعْتَرِضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute