للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ يُخَصَّصُ تَخْصِيصًا مَا، وَلَيْسَ كَالْمُتَّصِلِ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ يُخَصِّصُ مِنْ الْجِنْسِ أَوْ الْجُمْلَةِ، وَالْمُنْقَطِعَ يُخَصِّصُ أَجْنَبِيًّا مِنْ ذَلِكَ.

قُلْت: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُتَّصِلَ يُخَصِّصُ الْمَنْطُوقَ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ، وَأَمَّا الْمُنْقَطِعُ فَيُخَصِّصُ الْمَفْهُومَ، لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ، فَإِذَا قِيلَ: قَامَ الْقَوْمُ إلَّا حِمَارًا، فَقِيلَ وُرُودُ الِاسْتِثْنَاءِ كَانَ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُمْ، فَالِاسْتِثْنَاءُ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَفْهُومِ الْمُقَدَّرِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّمَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مُخَصَّصًا إذَا جَعَلْنَا لِلْمَفْهُومِ عُمُومًا.

[مَسْأَلَةٌ شُرُوطُ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ]

مَسْأَلَةٌ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ شُرُوطٌ

أَحَدُهَا الِاتِّصَالُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَفْظًا، بِأَنْ يُعَدَّ الْكَلَامُ وَاحِدًا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ، نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا دِرْهَمًا، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَكُونَ انْفِصَالُهُ وَتَأَخُّرُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَدْ اسْتَوْفَى غَرَضَهُ مِنْ الْكَلَامِ كَالسُّكُوتِ، لِانْقِطَاعِ نَفْسٍ أَوْ بَلْعِ رِيقٍ، فَإِنْ انْفَصَلَ لَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَغَا. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ جَوَّزَ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْفَصِلَ عَلَى نَحْوِ مَا جَوَّزَهُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّخْصِيصِ عَنْ الْعُمُومِ وَالْبَيَانِ عَنْ الْمُجْمَلِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ عَنْهُ، فَقِيلَ إلَى شَهْرٍ: وَقِيلَ إلَى سَنَةٍ، وَقِيلَ: أَبَدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>