للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَفْتَرِقَانِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِنْشَاءَ كَلَامٌ نَفْسِيٌّ عَبَّرَ عَنْهُ لَا بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِالْأَعْيَانِ وَالْجِنَانِ، فَإِنَّهُ إذَا قَامَ بِالنَّفْسِ طَلَبٌ مَثَلًا، وَقَصَدَ الْمُتَكَلِّمُ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ وَالْجِنَانِ، قَالَ: طَلَبْتُ مِنْ زَيْدٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ لَا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ، قَالَ: افْعَلْ أَوْ لَا تَفْعَلْ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ يَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُهُ، إذْ هُمَا نَوْعَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُمَا حَيْثُ لَا كَلَامَ، وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا هُوَ فِي النِّسْبَةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَ جُزْأَيْ الْجُمْلَةِ، غَيْرَ أَنَّ النِّسْبَةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ.

[أَقْسَامُ الْإِنْشَاءِ]

[أَقْسَامُ الْإِنْشَاءِ] إذَا عَلِمْتَ هَذَا، فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَقْسَامَ الْإِنْشَاءِ: الْقَسَمُ، وَالْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي وَالتَّرَجِّي، وَالتَّمَنِّي وَالْعَرْضُ وَالتَّحْضِيضُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ: أَنَّ الْعَرْضَ طَلَبٌ بِلِينٍ، بِخِلَافِ التَّحْضِيضِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّرَجِّي وَالتَّمَنِّي أَنَّ التَّرَجِّيَ لَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَحِيلَاتِ، وَالتَّمَنِّيَ يَكُونُ فِيهَا وَفِي الْمُمْكِنَاتِ، وَقَالَ التَّنُوخِيُّ فِي الْأَقْصَى الْقَرِيبِ ": الْمُتَمَنَّى يَكُونُ مُتَشَوَّفًا لِلنَّفْسِ، وَالْمَرْجُوُّ قَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَيَكُونُ الْمَرْجُوُّ مُتَوَقَّعًا، وَالْمُتَمَنَّى قَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، فَالتَّرَجِّي أَعَمُّ مِنْ التَّمَنِّي مِنْ وَجْهٍ، وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيّ أَنَّ الِاسْتِعْطَافَ نَحْوُ: بِاَللَّهِ هَلْ قَامَ زَيْدٌ؟ قَسَمٌ، وَقَالَ ابْنُ النَّحَّاسِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَسَمٍ؛ لِكَوْنِهِ لَيْسَ خَبَرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>