للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ إذَا انْضَمَّ إلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ الْقِيَاسُ]

فَصْلٌ أَمَّا إذَا انْضَمَّ إلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ الْقِيَاسُ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا: إذَا تَعَارَضَ قَوْلُ صَحَابِيَّيْنِ وَاعْتَضَدَ أَحَدُهُمَا بِالْقِيَاسِ. وَقَدْ سُبِقَتْ عَنْ النَّصِّ. . الثَّانِيَةُ: إذَا تَعَارَضَ قِيَاسَانِ وَاعْتَضَدَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ، فَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ تَمِيلُ نَفْسُ الْمُجْتَهِدِ إلَى مَا يُوَافِقُ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ وَيُرَجَّحُ عِنْدَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ فِي اللُّمَعِ " وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ بِالْجَزْمِ بِالْمُوَافِقِ انْتَهَى.

وَأَنَا أَقُولُ: مَنْ يَرَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ بِمُفْرَدِهِ حُجَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ يَكُونُ احْتِجَاجُهُ هُنَا بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَمَنْ يَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسَانِ صَحِيحَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَا كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمُرَجِّحٍ فِي الْأَصْلِ أَوْ حُكْمِهِ، أَوْ فِي الْعِلَّةِ، أَوْ دَلِيلِهَا، أَوْ فِي الْفَرْعِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِيَاسَ الْمُعْتَضَدَ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ مُقَدَّمٌ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ التَّرْجِيحَاتِ بِالْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ، كَمَا تَرَجَّحَ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ الْمُعَارِضَيْنِ بِعَمَلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ دُونَ الْآخَرِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ مُرَجَّحًا عَلَى الْآخَرِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَمَعَ الْمَرْجُوحِ قَوْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَهَذَا مَحَلُّ النَّظَرِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَالِاحْتِمَالُ مُنْقَدِحٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ ابْنِ الصَّبَّاغِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقِيَاسَ الضَّعِيفَ إذَا اعْتَضَدَ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ يُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ الْقَوِيِّ، وَذَاكَ هُنَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْمَاوَرْدِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ رَأْيَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنَّ قِيَاسَ التَّقْرِيبِ إذَا انْضَمَّ إلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ كَانَ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِ التَّحْقِيقِ، وَمَثَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ قِيَاسَ التَّقْرِيبِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>