للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّنَا إذَا فَسَّرْنَا النَّفْيَ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ فَسَّرْنَاهُ بِعَدَمِ الْحُكْمِ فَالْخِطَابُ فِي الْأَزَلِ وَتَعَلُّقُهُ بِالْمُكَلَّفِ مَوْقُوفٌ عَلَى بَعْثَةِ الرُّسُلِ. فَمَعْنَى قَوْلِنَا: لَا حُكْمَ لِلْأَشْيَاءِ قَبْلَ الشَّرْعِ، أَيْ: لَا يَتَعَلَّقُ، فَلَا تَنَاقُضَ.

[التَّنْبِيهُ] الْخَامِسُ

سَبَقَ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْدُومَ مَأْمُورٌ بِشَرْطِ الْوُجُودِ، وَهُوَ يُنَاقِضُ قَوْلَنَا: الْأَمْرُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حَالَ حُدُوثِ الْفِعْلِ قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: دَفَعَهُ أَنَّا إنْ قُلْنَا: الْأَمْرُ الْأَزَلِيُّ إعْلَامٌ فَوَاضِحٌ.

وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ خُصُوصَ كَوْنِهِ أَمْرًا حَادِثًا كَمَذْهَبِ الْقَلَانِسِيِّ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَنَقُولُ: يَعْرِضُ لَهُ نِسَبٌ يَخْتَلِفُ بِهَا، فَفِي الْأَزَلِ لَهُ نِسْبَةٌ بِهَا صَارَ إلْزَامًا خَاصًّا، وَهُوَ إنَّهُ إلْزَامُ الْمَأْمُورِ الْفِعْلَ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ، وَاسْتِجْمَاعُهُ لِشَرَائِطِ التَّكْلِيفِ عِنْدَ حُدُوثِ الْفِعْلِ. ثُمَّ يَعْرِضُ لَهُ نِسَبٌ أُخْرَى فِي وُجُودِ الْمُكَلَّفِ وَبِحُدُوثِ الْفِعْلِ يَصِيرُ أَمْرًا حِينَئِذٍ، وَالْأَوَّلُ كَانَ إلْزَامًا عَلَى تَقْدِيرٍ، وَأَمَّا إذَا بَاشَرَ الْمُكَلَّفُ الْفِعْلَ فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ بِالتَّقْدِيرِ، فَالْأَمْرُ الْمُقَدَّرُ صَارَ مُحَقَّقًا.

وَقَوْلُنَا: إنَّمَا يَكُونُ أَمْرًا عِنْدَ وُجُودِ الْفِعْلِ وَقَبْلَهُ لَيْسَ بِأَمْرٍ كَانَ نَفْيًا لِهَذَا الْأَمْرِ الْخَاصِّ لَا الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ.

[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَصْلُ امْتِنَاعُ النِّيَابَةِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ، فَقَالَ فِي " الْأُمِّ " فِي بَابِ الْإِطْعَامِ فِي الْكَفَّارَةِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا صَامَ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ أَحَدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>