[فَصْلٌ فِي حِيَلِ الْمُتَنَاظِرِينَ]
فَصْلٌ
قَالَ الْبَلْعَمِيُّ فِي الْغَرَرِ ": أَلْطَفُ حِيَلِ الْمُتَنَاظِرِينَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ أَحَدُهَا: نَقْلُ السَّائِلِ عَنْ سُؤَالٍ: وَإِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اسْتِشْهَادِهِ عَلَى الْمُجِيبِ بِمَا يَلْزَمُهُ وَيَقْطَعُهُ. فَإِذَا أَرَادَ الْمُجِيبُ نَقْلَهُ جَحَدَ بَعْضَ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا، فَإِذَا بَيَّنَهُ اخْتَلَطَ الْكَلَامَانِ، وَبِهِ يَنْقُلُهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إلَى غَيْرِهَا، فَيَجِبُ عَلَى السَّائِلِ إمْعَانُ النَّظَرِ فِي مِثْلِ هَذَا.
وَالثَّانِي: تَقْسِيمُ السُّؤَالِ: وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ الْمُجِيبُ إلَى أَحْوَالِهِ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا لِوُجُوهٍ شَتَّى قَسَّمَهُ عَلَى وُجُوهِهِ لِيُطِيلَ مُنَاظَرَةَ السَّائِلِ وَيَشْغَلَ قَلْبَهُ عَنْ قُوَّةِ الْمُنَاظَرَةِ، فَيَبْطُلُ غَرَضُ السَّائِلِ فِي الْجَدَلِ. فَالْوَاجِبُ عَلَى السَّائِلِ أَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنْ التَّقْسِيمِ، لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِ غَرَضُهُ.
الثَّالِثُ: ضَرْبُ الْأَمْثَالِ: وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ تَكْثِيرَ الْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ فِي الْقُرْآنِ لِيَجْبُنَ خَصْمُهُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي جَوَابِ دَعْوَاهُ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} [العنكبوت: ٤١] وَقَوْلُهُ: {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: ١٨] فَإِذَا أَرَادَ الْخَصْمُ إلْزَامَهُ فَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ وَانْقَطَعَ دُونَهُ تَلَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute