الْأَوْسَطُ) لِتَعَدُّدِ حَالِ الْوَسَائِطِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَطْرَافِ الثَّلَاثَةِ إلَّا (الْأَقَلُّ) فَكَانَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ، فَاللَّائِمَةُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُوصِي لَا عَلَى الْمُفْتِي. وَاعْلَمْ أَنَّ بِنَاءَ مَسْأَلَةٍ عَلَى أُخْرَى إنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الِاسْتِدْلَالِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنْ ابْتَدَأَ الدَّلَالَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يُرِيدُ الْبِنَاءَ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأُصُولِ، كَاسْتِدْلَالِ الْمَالِكِيِّ عَلَى الْحَنَفِيِّ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَذَانِ. فَإِنْ سَلَّمَ الْحَنَفِيُّ تَسْلِيمًا جَدَلِيًّا عَدَلَ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْئِلَةِ، وَإِلَّا قَالَ لَهُ الْمَسْئُولُ: هَذَا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِي، وَأَنَا أَبْنِي فَرْعِي عَلَى أَصْلِي، فَإِنْ سَلَّمْت وَإِلَّا نَقَلْت الْكَلَامَ، فَإِنْ نَقَلَ جَازَ، وَإِنْ قَالَ: لَا أُسَلِّمُ وَلَا أَنْقُلُ الْكَلَامَ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ فَرْعًا يُمَانِعُهُ السَّائِلُ، فَإِنْ أَرَادَ نَقْلَ الْكَلَامِ إلَى مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، اعْتِبَارًا بِبِنَائِهَا عَلَى أَصْلٍ مِنْ الْأُصُولِ الظَّاهِرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute