إلَى جَمِيعِ أَذِيَّاتِ الْأَبِ إلَى التَّأْفِيفِ. وَيُشْبِهُ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّوَاطُؤِ وَالْمُشْتَرَكِ، فَإِنَّ نِسْبَةَ الْآحَادِ إلَى التَّوَاطُؤِ مُتَسَاوِيَةٌ، بِخِلَافِ الْمُشْكِلِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَأَعْجَبَنِي مِنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامٌ أَوْرَدَهُ فِي اسْتِبْعَادِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ سَهْمٍ، فَإِنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ حَمَلَ الْوَصِيَّةَ عَلَى الْأَقَلِّ: فَمَهْمَا سَلَّمَهُ الْوَرَثَةُ خَرَجُوا بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ. فَكَانَ يَسْتَبْعِدُ هَذَا وَيَفْرِضُ فِيمَا لَوْ اُحْتُضِرَ مُتَمَوِّلٌ وَاسِعُ الْمَالِ فَعَطَفَهُ الْحَاضِرُونَ عَلَى وَلَدِ وَلَدٍ تُوُفِّيَ فِي حَيَاتِهِ وَقِيلَ لَهُ: إنَّ وَلَدَ وَلَدِك لَا مِيرَاثَ لَهُ مَعَ غَيْرِهِ، فَلَوْ وَصَلْتَ رَحِمَهُ وَأَغْنَيْتَ فَقْرَهُ بَعْدَك بِأَنْ تُوصِيَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِك لِيَكُونَ لَهُ مَعَ وَلَدِك مَدْخَلٌ. فَقَالَ الْمُحْتَضَرُ: قَدْ أَوْصَيْت لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِي، وَأَوْصَى عَمُّهُ بِهِ حِينَ تُوُفِّيَ هَذَا الْمُحْتَضَرُ، فَعَمَدَ وَلَدُهُ إلَى سَفَرْجَلَةٍ أَوْ تَمْرَةٍ فَسَلَّمَهَا لِوَلَدِ الْوَلَدِ زَاعِمًا أَنَّ هَذَا مُرَادُ أَبِيهِ لِقَطْعِ كُلِّ عَاقِلٍ بِأَنَّ هَذَا الْوَارِثَ مُدَافِعٌ لِلْوَصِيَّةِ مُرَادٌ. وَكَانَ الشَّيْخُ يَسْتَصْوِبُ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي حَمْلِهِ (السَّهْمَ) عَلَى إلْحَاقِ الْمُوصَى لَهُ بِسُهْمَانِ الْوَرَثَةَ. لَكِنْ يَرْجِعُ إلَى أَقَلِّهِمْ سَهْمًا فَيُعْطَى مِثْلَهُ جَمْعًا بَيْنَ الْمُعَرَّفِ وَبَيْنَ الْأَصْلِ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْأَقَلِّ. وَمِثْلُ هَذَا الْفَرْضِ يُسْتَحْسَنُ لَا بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْعِلَلِ، وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ تَمَكُّنِ الصُّورَةِ الْمَفْرُوضَةِ مِنْ الدَّلِيلِ وَإِنْ كَانَ شَامِلًا لِلْجَمِيعِ وَلَكِنْ شُمُولًا مُتَفَاوِتًا.
قَالَ: ثُمَّ وَقَعَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الشَّيْخَ فِي فَرْضِهِ إيقَافٌ لِلْأَذْهَانِ فِي مُبَادِيهَا، وَإِذَا تُؤُمِّلَ انْدَفَعَ التَّشْنِيعُ مِنْ الْفَقِيهِ الْمُفْتِي بِأَقَلِّ شُمُولٍ لَا الْمُوصِي الَّذِي هُوَ الْحَقِيقُ بِاللَّوْمِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوصِيَ لَوْ قَالَ فِي السِّيَاقِ الْمَذْكُورِ: ادْفَعُوا لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ قَبُولِ السَّفَرْجَلَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ. وَكَذَا لَوْ صَرَّحَ بِهَا، وَلَا لَوْمَ عَلَى الْفَقِيهِ إذَا قَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ الْمُوصَى بِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ إذَا عَدَلَ الْمُوصِي عَنْ التَّعْيِينِ وَقَالَ: ادْفَعُوا لَهُ سَهْمًا أَوْ جُزْءًا. وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ (الْأَكْثَرَ) لَا يَنْضَبِطُ. وَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute