للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِلْحَادِ يَزْعُمُ أَنَّ النَّسْخَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِدَلِيلٍ مَقْرُونٍ بِاللَّفْظِ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَائِنٌ بَعْدُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَقْتَهُ. قَالَ الْأُسْتَاذُ: فَهَذَا قَوْلُ الْيَهُودِ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى خِلَافِهِ. اهـ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُذْكَرَ مَعَ الْمَنْسُوخِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَإِلَّا لَكَانَ تَلْبِيسًا. وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَأَصْحَابُنَا قَالُوا: لَا يَجِبُ ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ النَّسْخِ مِنْ وَقْتِ الْخِطَابِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إنَّ كُلَّ آيَةٍ مَنْسُوخَةٍ فَفِي ضِمْنِ تِلَاوَتِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، مِثْلُ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: ١٥] نَبَّهَ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا لَا يَدُومُ، فَنَسَخَتْهَا آيَةُ النُّورِ بِقَوْلِهِ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] الْآيَةَ. وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» . قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ يَبْعُدُ أَنْ يُوجَدَ فِي كُلِّ آيَةٍ مَنْسُوخَةٍ، لَكِنَّهُ مُعْتَضِدٌ لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ تَكُونُ نَسْخًا، فَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ شَوَاهِدِ الْمَنْسُوخِ. .

[مَسْأَلَةٌ لَا يَتَحَقَّقُ النَّسْخُ إلَّا مَعَ التَّعَارُضِ]

مَسْأَلَةٌ

لَا يَتَحَقَّقُ النَّسْخُ إلَّا مَعَ التَّعَارُضِ، فَأَمَّا مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ فَلَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>