الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ؛ لِأَنَّ حُلْوٌ حَامِضٌ ضِدَّانِ. فَالْعَقْلُ يَصْرِفُ عَنْ تَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَا مَقْصُودَيْنِ بِالذَّاتِ وَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا قُصِدَ مَعْنَاهُ فَلَا تُوقِعُ فِي الْغَلَطِ. بِخِلَافِ الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ، وَلَا فِي الْعَقْلِ إذَا كَانَا خَبَرَيْنِ مَا يَصْرِفُ كُلًّا مِنْهُمَا عَنْ الِاسْتِقْلَالِ، وَلِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ مِنْ حُلْوٍ حَامِضٍ كَالْخَبَرِ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ حُكْمٌ بِالْكُلِّيَّةِ. حَتَّى نُقِلَ عَنْ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُ ضَمِيرًا، وَمَا شَأْنُهُ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَاطِقٍ مَثَلًا مَقْصُودٌ وَحْدَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُولُ: دَخَلَ بِالْجِنْسِ كَذَا، ثُمَّ خَرَجَ بِالْفَصْلِ الْأَوَّلِ كَذَا، ثُمَّ بِالْفَصْلِ الثَّانِي كَذَا؟ فَقَدْ جَعَلْت لِكُلٍّ مَعْنًى مُسْتَقِلًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَأْنُ حُلْوٍ حَامِضٍ. فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَا خَبَرَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ فَيَفْسُدُ الْحَدُّ، أَوْ يَكُونُ الثَّانِي صِفَةً وَهُوَ الْمُدَّعَى، فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ.
[الْقِسْمَةُ حَدِّهَا وَأَنْوَاعِهَا وَشُرُوطِ صِحَّتِهَا]
الْقِسْمَةُ وَعِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِالتَّقْسِيمِ إلَى دَرْكِ الْحَقِيقَةِ كَالْحَدِّ. وَسَبَقَ عَنْ الْأُسْتَاذِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ التَّرْكِيبِ فِي الْحَدِّ، وَالنَّظَرِ فِي حَدِّهَا وَأَنْوَاعِهَا وَشُرُوطِ صِحَّتِهَا. أَمَّا حَدُّهَا فَتَكْثِيرُ الْوَاحِدِ تَقْدِيرًا، وَهِيَ نَوْعَانِ: قِسْمَةُ تَمْيِيزٍ وَقِسْمَةُ ثَوَابِتَ، وَالثَّوَابِتُ مَا عَادَ الْمُسْتَدْعَى مِنْهَا إلَى الِاشْتِرَاكِ فِي مُجَرَّدِ اللَّفْظِ، وَالتَّمْيِيزُ بِعَكْسِهِ: وَقَدْ بَلَّغَهَا الْقُدَمَاءُ إلَى أَنْوَاعٍ ثَمَانِيَةٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute