للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ]

ِ وَهُوَ مَا يَكُونُ الْإِجْمَاعُ فِيهِ دَلِيلًا وَحُجَّةً وَهُوَ كُلُّ أَمْرٍ دِينِيٍّ لَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ حُجَّةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى ثُبُوتِهِ لَا كَإِثْبَاتِ الْعَالَمِ لِلصَّانِعِ، وَكَوْنِهِ قَادِرًا عَالِمًا مُرِيدًا، كَالنُّبُوَّاتِ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ إثْبَاتُ شَيْءٍ مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ لِلُّزُومِ الدَّوْرِ، لِتَوَقُّفِ ثُبُوتِ الْمَدْلُولِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّلِيلِ. [جَرَيَانُ الْإِجْمَاعِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ] وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ. وَالشَّيْخُ فِي اللُّمَعِ " وَصَاحِبُ الْقَوَاطِعِ " وَغَيْرُهُمْ: الْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْعَقْلِيَّةُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الْعَمَلِ بِهِ عَلَى الْعِلْمِ بِصِحَّةِ السَّمْعِ، كَحُدُوثِ الْعَالَمِ، وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ، وَإِثْبَاتِ صِفَاتِهِ، فَلَا يَكُونُ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً فِيهَا، كَمَا لَا يَثْبُتُ الْكِتَابُ بِالسُّنَّةِ، وَالْكِتَابُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ السُّنَّةِ. وَالثَّانِي: مَا لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الْعَمَلِ بِهِ عَلَى السَّمْعِ، كَجَوَازِ الرِّوَايَةِ، وَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ، وَالتَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالْقِيَاسِ، فَالْإِجْمَاعُ فِيهِ حُجَّةٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَتَلَخَّصُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي جَرَيَانَ الْإِجْمَاعِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>