أَحَدُهَا: الْجَوَازُ مُطْلَقًا، وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْقَاضِي فَقَالَ: وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الطَّيِّبِ الْأَشْعَرِيُّ: يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِالْإِجْمَاعِ فِي جَمِيعِ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ عَلَى نَفْيِ قَدِيمٍ عَاجِزٍ أَوْ مَيِّتٍ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعُقُولِ عَلَى نَفْيِهِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَبِهِ جَزَمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا اسْتِغْنَاءً بِدَلِيلِ الْعَقْلِ عَنْ الْإِجْمَاعِ. قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ، نَعَمْ يُسْتَعْمَلُ الْإِجْمَاعُ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ، لَا لِإِفَادَةِ الْعِلْمِ، بَلْ لِإِلْزَامِ الْخَصْمِ وَإِفْحَامِهِ. وَبِهِ جَزَمَ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ " بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ يَثْبُتُ حُجَّةً بِالسَّمْعِ، لَا بِالْعَقْلِ.
وَقَالَ إلْكِيَا: يَنْشَأُ مِنْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ أَنَّهُ إنَّمَا يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا طَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ السَّمْعُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعْرَفَ بِالْإِجْمَاعِ مَا يَجِبُ أَنْ تَتَقَدَّمَ مَعْرِفَتُهُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الْإِجْمَاعِ، كَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَالنُّبُوَّاتِ. وَالثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ كُلِّيَّاتِ أُصُولِ الدِّينِ، كَحُدُوثِ الْعَالَمِ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِ، وَبَيْنَ جُزْئِيَّاتِهِ كَجَوَازِ الرُّؤْيَةِ فَيَثْبُتُ بِهِ. ثُمَّ فِيهِ مَسَائِلُ. الْأُولَى: يَجُوزُ أَنْ يُعْلَمَ بِالْإِجْمَاعِ كُلُّ مَا يَصِحَّ أَنْ يُعْلَمَ بِالنُّصُوصِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ وَيَصِحُّ أَنْ تُعْلَمَ السَّمْعِيَّاتُ كُلُّهَا مِنْ نَاحِيَتِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ ". الثَّانِيَةُ: قَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا عَلَى كَوْنِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُتَكَلِّمًا صَادِقًا فِي كَلَامِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَلْزَمَ الدَّوْرُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمُعْجِزَةُ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الْمُتَحَدِّي مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَنَزَّلَتْ مَنْزِلَةَ التَّصْدِيقِ بِالْقَوْلِ، فَالدَّوْرُ لَازِمٌ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا تَدُلُّ دَلَالَةَ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، لَمْ يَلْزَمْ. الثَّالِثَةُ: قِيلَ: يُمْكِنُ إثْبَاتُ حُدُوثِ الْعَالَمِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُنَا إثْبَاتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute