الصَّانِعِ بِحُدُوثِ الْأَعْرَاضِ، ثُمَّ تُعْرَفُ صِحَّةُ النُّبُوَّةِ بِالْمُعْجِزَةِ، ثُمَّ تُعْرَفُ مِنْ جِهَةِ النُّبُوَّةِ حُجِّيَّةُ الْإِجْمَاعِ، ثُمَّ تُعْرَفُ بِهِ حُدُوثُ الْعَالَمِ. قَالَ: وَيُمْكِنُنَا التَّمَسُّكُ بِهِ فِي التَّوَصُّلِ إلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. الرَّابِعَةُ: اُخْتُلِفَ فِي الْإِجْمَاعِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، كَالْآرَاءِ وَالْحُرُوبِ، وَالْعَادَةِ وَالزِّرَاعَةِ. هَلْ هِيَ حُجَّةٌ؟ فَأَطْلَقَ الشَّيْخُ فِي اللُّمَعِ "، وَالْغَزَالِيُّ، وَإِلْكِيَا، وَغَيْرُهُمْ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ. قَالَ إلْكِيَا: لَا يَبْعُدُ خَطَأُ الْأُمَّةِ فِي ذَلِكَ، وَعُمْدَتُهُمْ أَنَّ الْمَصَالِحَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ، فَلَوْ قِيلَ بِحُجِّيَّتِهِ، فَرُبَّمَا اخْتَلَفَتْ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ فِي زَمَنٍ، وَصَارَتْ فِي غَيْرِهِ، فَيَلْزَمُ تَرْكُ الْمَصْلَحَةِ، وَإِثْبَاتُ مَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، وَهُوَ مَحْذُورٌ.
وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ. قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ الَّذِي أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ، وَاجْتِنَابِ الْمَضَارِّ، فَقَدْ صَارَ أَمْرًا دِينِيًّا، وَجَبَتْ مُرَاعَاتُهُ فَيَتَنَاوَلُ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ أَدِلَّةَ الْإِجْمَاعِ. وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ بَيْنَ مَا يَكُونُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الرَّأْيِ، وَبَيْنَ مَا يَكُونُ قَبْلَهُ، فَقَالَ بِحُجِّيَّةِ الْأَوَّلِ، دُونَ الثَّانِي، وَلَعَلَّ هَذَا تَنْقِيحُ ضَابِطٍ لِلْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، فَلَا يُعَدُّ قَوْلًا ثَالِثًا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ فِي الِاسْتِنَادِ إلَى مَا لَا يَقَعُ فِيهِ الْخَطَأُ، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute