فَيُقَالُ: أَخَذْت مِنْ مَالِ فُلَانٍ، وَيُقَالُ: أَخَذْت عَنْ عَمَلِ فُلَانٍ. وَقَدْ اخْتَصَّتْ الْأَسَانِيدُ بِالْعَنْعَنَةِ، وَكَلِمَةُ " مِنْ " لَا تُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِهَا، وَقَالُوا: " مِنْ " لَا تَكُونُ إلَّا حَرْفًا، وَ " عَنْ " تَكُونُ اسْمًا وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ.
[لَنْ تَنْصِبُ الْمُضَارِعَ وَتُخَلِّصُهُ لِلِاسْتِقْبَالِ]
ِ نَحْوُ لَنْ يَقُومَ زَيْدٌ، وَهِيَ تُفِيدُ تَأْكِيدَ مُطْلَقِ النَّفْيِ، وَزَعَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي " الْكَشَّافِ " أَنَّهَا تُفِيدُ تَأْكِيدَ النَّفْيِ، وَوَافَقَهُ ابْنُ الْخَبَّازِ، وَفِي " الْأُنْمُوذَجِ " تَأْبِيدَهُ، وَوَافَقَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّرْسِيُّ. وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: حَمَلَهُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُهُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى، وَهُوَ بَاطِلٌ. وَيَظُنُّ كَثِيرٌ تَفَرُّدَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ، لَكِنْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْخَشَّابِ فِي كِتَابِهِ " الْعَوْنِيِّ " بِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ التَّأْبِيدَ عِبَارَةً عَنْ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ بَلْ عَنْ الزَّمَنِ الطَّوِيلِ، وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ عَطِيَّةَ مُوَافَقَةَ الزَّمَخْشَرِيِّ أَيْضًا وَأَنَّ ذَلِكَ مَوْضُوعُ اللُّغَةِ وَلَوْ عَلَى هَذَا الْمَنْفِيِّ بِمُجَرَّدِهِ لِتَضَمُّنِ أَنَّ مُوسَى لَا يَرَاهُ أَبَدًا وَلَا فِي الْآخِرَةِ لَكِنْ قَامَ الدَّلِيلُ مِنْ خَارِجٍ عَلَى ثُبُوتِ الرُّؤْيَةِ فِي الْآخِرَةِ. وَقَدْ رُدَّ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّأْبِيدِ لَمْ يُقَيَّدْ مَنْفِيُّهَا بِالْيَوْمِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] وَلَكِنْ ذَكَرَ التَّأْبِيدَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [البقرة: ٩٥] تَكْرَارٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute