للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرَى أَنَّهُ سَهَا فِي الصَّلَاةِ فَسَجَدَ، فَيَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ السُّجُودَ لِذَلِكَ السَّهْوِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ وَيَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ، كَمَا رُوِيَ أَنَّ مَاعِزًا زَنَى فَرُجِمَ. قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا يَجِبُ مِثْلُ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بَعْدَ نَقْلِهِ بِالْقِيَاسِ إذْ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» وَنَحْوُهُ مِمَّا يَحِلُّ الْفِعْلُ فِيهِ مَحَلَّ الْقَوْلِ الْعَامِّ، لِأَنَّا قَدْ قُلْنَا: إنَّ قَضَاءَهُ عَلَى الْمُعَيَّنِ لِعِلَّةٍ وَصْفِيَّةٍ لَا تَقْتَضِي وُجُوبَ عُمُومِ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَلَا يَمْتَنِعُ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ اجْتِنَابُهُ الطِّيبَ وَمَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُونَ عِنْدَ إحْرَامِهِمْ إذْ عُقِلَ مِنْ ذَلِكَ شَاهِدُ الْحَالِ أَنَّهُ إنَّمَا اجْتَنَبَهُ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ. وَمِنْ أَمْثَالِهِ الْمُنَبِّهَةِ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ تَخْيِيرُهُ بَرِيرَةَ لَمَّا عَتَقَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا.

[الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ فِي إثْبَاتِ الْعِلِّيَّةِ الْمُنَاسَبَةُ]

وَهِيَ مِنْ الطُّرُقِ الْمَعْقُولَةِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِ " الْإِخَالَةِ " وَبِ " الْمَصْلَحَةِ " وَبِ " الِاسْتِدْلَالِ " وَبِ " رِعَايَةِ الْمَقَاصِدِ ". وَيُسَمَّى اسْتِخْرَاجُهَا " تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ " لِأَنَّهُ إبْدَاءُ مَنَاطِ الْحُكْمِ. وَهِيَ عُمْدَةُ كِتَابِ الْقِيَاسِ وَغَمْرَتُهُ وَمَحَلُّ غُمُوضِهِ وَوُضُوحِهِ. وَهُوَ تَعْيِينُ الْعِلَّةِ بِمُجَرَّدِ إبْدَاءِ الْمُنَاسَبَةِ، أَيْ: الْمُنَاسَبَةِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْمُلَاءَمَةُ. فَلَا دُورَ مِنْ ذَاتِ الْأَصْلِ، لَا بِنَصٍّ وَلَا غَيْرِهِ، مَعَ السَّلَامَةِ عَنْ الْقَوَادِحِ. كَالْإِسْكَارِ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.

وَالْمُنَاسِبُ - لُغَةً: الْمُلَائِمُ، وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَقَالَ مَنْ لَمْ يُعَلِّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>