للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ احْتَجَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا بِأَنَّ الْعِلْمَ بِهِ لَا يَزِيدُ الْمُعْجِزَةَ، وَنَحْنُ لَمْ نَعْلَمْهَا إلَّا بِالِاسْتِدْلَالِ، فَكَذَا الْخَبَرُ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّهُ بَيْنَ الْمُكْتَسَبِ وَالضَّرُورِيِّ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُكْتَسَبِ، وَلَيْسَ فِي قُوَّةِ الضَّرُورِيِّ. قَالَهُ صَاحِبُ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ ". وَرَابِعٌ: وَهُوَ الْوَقْفُ ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ ": إنَّهُ الصَّحِيحُ. وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ، وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ نَظَرِيٌّ، فَهُوَ بِطَرِيقِ التَّوْلِيدِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ، وَإِلَّا فَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَهُمْ؛ لِتَرَتُّبِهِ عَلَى فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ، وَوَجْهُ الْآخَرِ الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الضَّرُورِيَّاتِ.

[الرَّابِعَةُ ثَبَتَ وُقُوعُ الْعِلْمِ عَنْهُ وَأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ أَيْ الْمُتَوَاتِر]

الرَّابِعَةُ: إذَا ثَبَتَ وُقُوعُ الْعِلْمِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ، فَاخْتَلَفُوا إلَى مَاذَا يَسْتَنِدُ؟ فَالْجُمْهُورُ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِاسْتِنَادِهِ إلَى الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَأَنْكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا، وَرَأَى أَنَّهُ يَسْتَنِدُ إلَى الْقَرَائِنِ. وَمِنْهَا كَثْرَةُ الْعَدَدِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكَذِبِ، وَطَرْدُ أَصْلِهِ. هَذَا فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ إذَا احْتَفَّتْ بِهِ قَرَائِنُ، وَقَالَ: إنَّهُ يُفِيدُ الْقَطْعَ.

[الْخَامِسَةُ الْعِلْمَ الْمُتَوَاتِر عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ]

الْخَامِسَةُ: أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُجَوِّزُ الْكَذِبَ عَلَى كُلِّ عَدَدٍ، وَإِنْ عَظُمَ، وَإِنَّمَا هَذِهِ الِاسْتِحَالَةُ عَادِيَةٌ.

[السَّادِسَةُ خَبَرَ التَّوَاتُرِ لَا يُوَلِّدُ الْعِلْمَ]

السَّادِسَةُ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَبِيرِ ": اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ غَيْرَ شُذُوذٍ عَلَى أَنَّ خَبَرَ التَّوَاتُرِ لَا يُوَلِّدُ الْعِلْمَ. لَنَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ وَمُمْكِنٌ، وَكُلُّ مَوْجُودٍ مُمْكِنٍ لَيْسَ إلَّا بِخَلْقِ اللَّهِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ ": الْقَوْلُ فِي أَنَّ الْعِلْمَ بِهِ يَقَعُ مُبْتَدَأً مِنْ فِعْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ غَيْرَ مُتَوَلِّدٍ عَنْ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّوَلُّدِ بَاطِلٌ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْعَالِ خَلْقِهِ، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الدِّيَانَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>