وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى لَمْ يَجُزْ، حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي " الْمُسْتَصْفَى "، وَالْبَاجِيُّ فِي الْأَحْكَامِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَمِمَّا أُجْمِلَ فِي السُّنَّةِ وَبَيَّنَهُ الْقُرْآنُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» الْحَدِيثَ، ثُمَّ فَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ وَبَيَّنَهُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ بِقَوْلِهِ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: ٥] .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ: وَقَدْ يَقَعُ بَيَانُ الْمُجْمَلِ بِالْإِجْمَاعِ، كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَاَلَّذِي فِي كِتَابِ اللَّهِ: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] . وَلَمْ يَذْكُرْ وُجُوبَهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَبَيَّنَ الْإِجْمَاعَ الْمُرَادَ بِهَا، وَقَدْ يَكُونُ بَيَانُ الْإِجْمَاعِ بِحُكْمٍ مُبْتَدَإٍ، كَمَا يَكُونُ حُكْمُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، كَإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى حَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَتَأْجِيلِ امْرَأَةِ الْعِنِّينِ. .
[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ كَالْمُبَيَّنِ فِي الْقُوَّةِ]
وَهِيَ أَصْلُ الَّتِي قَبْلَهَا: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ الْهِنْدِيُّ إلَى أَنَّ الْبَيَانَ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَالْمُبَيَّنِ فِي الْقُوَّةِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَدْنَى مِنْهُ، فَيُقْبَلُ الْمَظْنُونُ فِي بَيَانِ الْمَعْلُومِ، خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ، فَإِنَّهُ شَرَطَ الْمُسَاوَاةَ، وَلِهَذَا لَمْ يَقْبَلْ خَبَرَ الْأَوْسَاقِ مَعَ قَوْلِهِ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute