أَطْلَقَ فِي جَانِبِ الْإِطْعَامِ ذِكْرَ الْمَسَاكِينِ، فَهَلْ يَتَقَيَّدُ بِهِ الْمِسْكِينُ بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا كَالرَّقَبَةِ الْمُعْتَقَةِ؟ وَقَدْ أَغْفَلَ الْأُصُولِيُّونَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَاَلَّذِي أَقُولُهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْلَكَ بِهِ مَسْلَكَ الْقِيَاسِ كَمَا سَلَكْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ تَقْيِيدِ الرَّقَبَةِ فِي الظِّهَارِ عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْقَتْلِ عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقِ. .
[شُرُوطُ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ]
[شُرُوطُ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ] إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَنَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ شُرُوطٌ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْقَيْدُ مِنْ بَابِ الصِّفَاتِ كَالْإِيمَانِ مَعَ ثُبُوتِ الذَّوَاتِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَأَمَّا فِي إثْبَاتِ أَصْلِ الْحُكْمِ مِنْ زِيَادَةٍ خَارِجَةٍ أَوْ عَدَدٍ فَلَا يُحْمَلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَهَذَا كَالْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، فَإِنَّ أَظْهَرَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَإِنْ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ الْحُكْمِ، لَا صِفَةٌ. وَكَذَلِكَ إيجَابُ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْوُضُوءِ مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى عُضْوَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ. فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ التَّيَمُّمِ عَلَى تَقْيِيدِ الْوُضُوءِ لِيَسْتَحِقَّ تَيَمُّمُ الْأَرْبَعَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ حُكْمٍ لَمْ يُذْكَرْ، وَحَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ يَخْتَصُّ بِالصِّفَةِ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِهَذَا حَمَلْنَا إطْلَاقَ الْيَدَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَرَافِقِ، لِتَقْيِيدِ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَرْفِقِ صِفَةٌ، وَذِكْرَ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ أَصْلٌ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَتَبِعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute