كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي " الْمَنْخُولِ " هُنَا، وَالنَّسْخُ لَا يَجُوزُ بِالْقِيَاسِ، وَيَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِهِ. الثَّالِثُ: الْقَوْلُ بِالْمَفْهُومِ، فَهُوَ يَدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَعِنْدَنَا أَنَّهُ حُجَّةٌ، فَلِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ: إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: قَدْ تَنَاقَضَ الْحَنَفِيَّةُ فِي تَقْيِيدِهِمْ رَقَبَةَ الظِّهَارِ بِاشْتِرَاطِ نُطْقِهَا، فَلَا يُجْزِئُ عِنْدَهُمْ إعْتَاقُ الْأَخْرَسِ، وَفِي تَقْيِيدِهِمْ الْقُرْبَى بِالْفُقَرَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: ٤١] ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُطْلَقَ كَالْعَامِّ، فَيَتَقَيَّدُ كَالتَّخْصِيصِ، وَالتَّخْصِيصُ تَارَةً يَكُونُ بِقَصْرِ اللَّفْظِ عَلَى بَعْضٍ غَيْرَ مُمَيَّزٍ بِصِفَةٍ كَحَمْلِ الْفُقَرَاءِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَتَارَةً عَلَى مُمَيَّزٍ بِصِفَةٍ، كَحَمْلِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْحَرْبِيِّينَ.
وَقَالَ فِي الْمُقْتَرَحِ: مُطْلَقُ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُبْنَى عَلَى أَنَّ الِاجْتِزَاءَ بِالْمُطْلَقِ يُؤْخَذُ مِنْ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ، أَوْ مِنْ عَدَمِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارٍ زَائِدٍ، فَإِنْ قُلْنَا: بِالثَّانِي: فَالْمُطْلَقُ لَا يُشْعِرُ بِالْمُقَيَّدِ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ التَّأْوِيلِ بِأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالدَّلِيلِ، وَحِينَئِذٍ فَاللَّفْظُ لَا إشْعَارَ فِيهِ بِالْمُطْلَقِ، فَضْلًا عَنْ الْمُقَيَّدِ، فَلَا يُحْمَلُ، وَإِنْ قُلْنَا: مَأْخُوذٌ مِنْ إشْعَارِ اللَّفْظِ، فَهَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ أَوْ نَصٌّ فِيهِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: ظَاهِرٌ جَازَ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقِيَاسٍ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ قُلْنَا نَصٌّ فَلَا يَسُوغُ الْحَمْلُ بِالْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ يَكُونُ نَسْخًا، وَالنَّسْخُ بِالْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ بِهِ.
تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: قَالَ الْإِبْيَارِيُّ: بَقِيَ قِسْمٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنْ يَتَّحِدَ الْمُوجِبُ، وَيَخْتَلِفَ صِنْفُ الْمُوجِبِ، كَمَا إذَا قَيَّدَ الرَّقَبَةَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِالْإِسْلَامِ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute