أَوْ قَيَّدَ مُطْلَقَهُمَا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ. أَحَدُهَا: إلَى مَا لَا يُعْلَمُ مُقَارَنَتُهُ لَهُ، وَلَا تَرَاخِيهِ عَنْهُ. فَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَفَعَتْ كَثِيرًا مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، بِأَخْبَارِ الْآحَادِ، وَلَمْ يَسْأَلُوا أَنَّهَا هَلْ كَانَتْ مُقَارِنَةٍ أَمْ لَا؟ . قَالَ: وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى كَوْنِهِ مُخَصِّصًا مَقْبُولًا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى كَوْنِهِ نَاسِخًا مَرْدُودًا. الثَّانِي: أَنْ يُعْلَمَ مُقَارَنَتُهُ لَهُ، فَيَجُوزُ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ تَخْصِيصَ الْمَقْطُوعِ بِالْمَظْنُونِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يُعْلَمَ تَرَاخِيهِ عَنْهُ، فَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ لَمْ يَقْبَلْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ لَقَبِلَ نَاسِخًا، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ. وَمَنْ جَوَّزَهُ قَبِلَهُ إنْ كَانَ وَرَدَ قَبْلَ حُضُورِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ، وَأَمَّا إذَا وَرَدَ بَعْدَهُ فَلَا يُقْبَلُ بِالِاتِّفَاقِ.
مَسْأَلَةٌ قَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ: لَا يُرَدُّ الْخَبَرُ بِكَوْنِ رَاوِيهِ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِمُجَالَسَتِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانَتْ تَنْقُلُ الْأَخْبَارَ عَنْ الْأَعْرَابِ، وَعَمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ بِمُجَالَسَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[مَسْأَلَةٌ رَدُّ الْحَدِيثِ إذَا كَانَ أَحَدُ رَاوِيهِ وَاحِدًا]
] وَلَا يُرَدُّ الْخَبَرُ بِكَوْنِ أَحَدِ رُوَاتِهِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا وَاحِدٌ، خِلَافًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ، وَحَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ، فَإِنَّهُ طَعَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute