فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَيْضِ وَغَيْرِهِ بِمَذْهَبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مُقَلِّدًا لَهُ، فَمَا ظَنُّك بِأَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ أَنَّهُ أَفْقَهُ مِنْ أَنَسٍ. قَالَ: وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ اشْتِرَاطُ الْفِقْهِ فِي الرَّاوِي، فَثَبَتَ أَنَّهُ قَوْلٌ مُحْدَثٌ. اهـ.
وَكَذَا قَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: وَلِهَذَا قُلْنَا بِحَدِيثِ الْقَهْقَهَةِ، وَأَوْجَبْنَا الْوُضُوءَ فِيهَا، وَلَيْسَتْ بِحَدَثٍ فِي الْقِيَاسِ، وَلِهَذَا لَمْ يُوجِبُوا الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ قَهْقَهَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ إلَّا فِي صَلَاةٍ ذَاتِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ. قُلْت: وَالصَّوَابُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ أَفْرَدَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ السُّبْكِيُّ جُزْءًا فِي فَتَاوِيهِ، وَقَالَ شَارِحُ الْبَزْدَوِيِّ: بَلْ كَانَ فَقِيهًا، وَلَمْ يَعْدَمْ شَيْئًا مِنْ آلَاتِ الِاجْتِهَادِ، وَكَانَ يُفْتِي فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَمَا كَانَ يُفْتِي فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إلَّا فَقِيهٌ مُجْتَهِدٌ، وَقَدْ انْتَشَرَ عَنْهُ مُعْظَمُ الشَّرِيعَةِ، فَلَا وَجْهَ لِرَدِّ حَدِيثِهِ بِالْقِيَاسِ. اهـ.
[أُمُورٌ أُخْرَى لَا تُشْتَرَطُ فِي الرُّوَاةِ]
[أُمُورٌ أُخْرَى لَا تُشْتَرَطُ فِي الرُّوَاةِ] وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَا عِلْمُهُ بِمَا رَوَاهُ، وَلَا بِكَوْنِهِ لَا يَدْرِي الْمُرَادَ بِهِ كَالْأَعْجَمِيِّ؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ بِمَعْنَى الْكَلَامِ لَا يَمْنَعُ مِنْ ضَبْطِهِ لِلْحَدِيثِ، وَلِهَذَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ الْقُرْآنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ. كَمَا لَا يُرَدُّ بِكَوْنِهِ لَمْ يَرْوِ غَيْرَ الْقَلِيلِ، كَالْحَدِيثِ وَالْحَدِيثَيْنِ، وَلَا بِكَوْنِهِ لَا يَعْرِفُ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا بِطَلَبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي صِدْقِهِ. قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ. قَالَ: وَإِذَا كَانَ الرَّاوِي مُخْتَلَفًا فِي اسْمِهِ إلَّا أَنَّ لَهُ كُنْيَةً أَوْ لَقَبًا يُعْرَفُ بِهِ فَلَا يُرَدُّ بِذَلِكَ خَبَرُهُ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يُعْرَفُ وَيَخْرُجُ عَنْ الْجَهَالَةِ، وَنُقِلَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَذَا الشَّأْنِ. قَالَ: وَعَنِيَ بِهِ مَعْرِفَةَ الرِّجَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute