قَالَ ابْنُ الْخَبَّازِ: وَلَا يَخْتَصُّ انْحِصَارُ الْكَلِمَةِ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي دَلَّ عَلَى الِانْحِصَارِ فِي الثَّلَاثَةِ عَقْلِيٌّ، وَالْأُمُورُ الْعَقْلِيَّةُ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ.
قُلْت: وَفِي كِتَابِ الْإِيضَاحِ لِأَبِي الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيِّ فِي قَوْلِ سِيبَوَيْهِ: الْكَلَامُ اسْمٌ وَفِعْلٌ وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًى، قِيلَ: قَصَدَ بِهِ الْكَلِمَ الْعَرَبِيَّ دُونَ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْكَلِمَ الْعَرَبِيَّ وَالْعَجَمِيَّ. اهـ.
[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]
ثُمَّ الِاسْمُ يَنْقَسِمُ إلَى كُلِّيٍّ وَجُزْئِيٍّ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يَمْنَعَ نَفْسُ تَصَوُّرِهِ مِنْ اشْتِرَاكِ كَثِيرِينَ فِيهِ أَوْ يَمْنَعُ، وَالْأَوَّلُ الْكُلِّيُّ، وَمَعْنَى اشْتِرَاكِ الْأَشْخَاصِ فِيهِ أَنَّ مَعْنَاهُ مُطَابِقٌ لِمَعَانِيهَا بِالِاسْمِ وَالْحَدِّ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهَا، وَهُوَ تَارَةً تَقَعُ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالْحَيَوَانِ، وَتَارَةً لَا تَقَعُ، أَمَّا مَعَ الْإِمْكَانِ كَالشَّمْسِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ وُجُودَ مِثْلِهَا أَوْ الِاسْتِحَالَةِ كَهِيَ عِنْدَ مَنْ لَا يُجَوِّزُهُ، وَحَذَفْت تَمْثِيلَ الْمَنْطِقِيِّينَ عَمْدًا أَدَبًا، وَلَيْسَ الْكُلِّيُّ وَهْمِيًّا مُرْسَلًا، بَلْ لَهُ وُجُودٌ فِي الْعَقْلِ، وَهُوَ مَا يَجِدُهُ كُلُّ عَاقِلٍ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي لَوْ نَسَبَهَا إلَى الشَّخْصِيَّاتِ الْمُنَاسِبَةِ لَكَانَتْ مُطَابِقَةً لَهَا، كَالْمُتَمَثِّلِ مِنْ مَعْنَى الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ، وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ فِي الْعَقْلِ غَيْرَ تَمَيُّزِهِ فِي النَّفْسِ، لَا بِمَعْنَى أَنَّ صُورَتَهُ قَائِمَةٌ بِنَفْسِ الْعَاقِلِ، وَإِلَّا لَكَانَ مَنْ يَعْقِلُ الْحَرَارَةَ وَالْبُرُودَةَ حَارًّا وَبَارِدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute