فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ» وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَقْضِيَ بِمَفْهُومِهِ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ: «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ» .
وَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ أَنَّ التَّنْبِيهَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ، لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَوَجْهُ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ إذَا أُمِرَ بِالتَّحَالُفِ، وَهُنَاكَ سِلْعَةٌ قَائِمَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى صِدْقِ أَحَدِهِمَا، فَإِذَا كَانَتْ تَالِفَةً لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهَا، فَهَذِهِ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ يُوجِبُ تَرْكَ دَلِيلِ الْخِطَابِ لِلْأَمْرِ بِالتَّحَالُفِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعٍ، وَمُدَّعًى عَلَيْهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ مَعَ التَّلَفِ، وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ لَهُ الْمَفْهُومُ، لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى التَّخْصِيصِ. لِأَنَّهُ إسْقَاطُ بَعْضِ حُكْمِ اللَّفْظِ، فَإِنَّ اللَّفْظَ يُوجِبُ إثْبَاتًا وَنَفْيًا، فَإِسْقَاطُ أَحَدِهِمَا بِالْقِيَاسِ يُمْكِنُ لَهُ التَّخْصِيصُ بِهِ.
[مَسْأَلَةٌ التَّخْصِيصُ بِفِعْلِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ شَرْعٌ لِأُمَّتِهِ]
مَسْأَلَةٌ [التَّخْصِيصُ بِفِعْلِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ شَرْعٌ لِأُمَّتِهِ]
إذَا قُلْنَا بِأَنَّ فِعْلَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرْعٌ لِأُمَّتِهِ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ إلَى التَّخْصِيصِ بِهِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هَذِهِ إذَا قُلْنَا: إنَّهَا عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ. فَإِنْ قُلْنَا: بِالتَّوَقُّفِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ التَّخْصِيصُ، لِأَنَّهَا غَيْرُ دَالَّةٍ عَلَى شَيْءٍ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute