وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ وَأَصْحَابِنَا. وَفِي نِسْبَةِ ذَلِكَ لِلْقَفَّالِ نَظَرٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ. وَجَعَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ النِّزَاعَ لَفْظِيًّا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَانِعَ لِلْعُمُومِ يَنْفِي عُمُومَ الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ، نَحْوُ " أَمَرَ، وَقَضَى "، وَالْمُثْبِتُ لِلْعُمُومِ يُثْبِتُهُ فِيهَا مِنْ دَلِيلٍ خَارِجٍ، وَهُوَ إجْمَاعُ السَّلَفِ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَا بِقَوْلِهِ: (حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ) ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ التَّعْمِيمَ فِيهَا حَاصِلٌ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ كَمَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ، فَإِنَّا رَأَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِقَضَاءٍ فِي وَاقِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ حَدَثَتْ لَنَا أُخْرَى مِثْلُهَا - وَجَبَ إلْحَاقُهَا بِهَا، لِأَنَّ حُكْمَ الْمِثْلَيْنِ وَاحِدٌ. وَيَتَحَصَّلُ حِينَئِذٍ فِي الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ مَذَاهِبَ.
[صِيَغُ الْفِعْلِ الْمُثْبَتِ الَّذِي لَهُ أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالٍ]
[صِيَغُ الْفِعْلِ الْمُثْبَتِ الَّذِي لَهُ أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالٍ] ثُمَّ الْكَلَامُ عَلَى الصِّيَغِ:
إحْدَاهَا: إذَا قَالَ الرَّاوِي: سَمِعْته يَقُولُ: قَضَيْت بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ جَارٍ، وَيَحْتَمِلُ الْعَهْدَ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ " صَاحِبُ الْمَحْصُولِ " فَقَالَ: لَا يَعُمُّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ " أَلْ " لِلْعَهْدِ، وَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُحَلَّى بِأَلْ لَا يَعُمُّ، فَأَمَّا إذَا كَانَ مُنَوَّنًا كَقَوْلِهِ: قَضَيْت بِالشُّفْعَةِ لِجَارٍ، فَجَانِبُ الْعُمُومِ أَرْجَحُ. قَالَهُ صَاحِبُ الْحَاصِلِ، وَقَالَ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُفِيدُ الْعُمُومَ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» ، وَعَنْ " نِكَاحِ الشِّغَارِ "،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute