للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: مَا أُضْمِرَ لِضَرُورَةِ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ، كَقَوْلِهِ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي» .

وَالثَّانِي: مَا أُضْمِرَ لِصِحَّتِهِ عَقْلًا، كَقَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] .

وَالثَّالِثُ: مَا أُضْمِرَ لِصِحَّتِهِ شَرْعًا، كَقَوْلِهِ: اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي، وَشُمُولُ مُقْتَضًى، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي حَدِّهِ: هُوَ جَعْلُ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْعُمُومِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَبَعْضُهُمْ إلَى الْمَنْعِ فِيهَا، وَهُوَ أَبُو زَيْدٍ وَذَهَبَ الْبَزْدَوِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَصَدْرُ الْإِسْلَامِ إلَى أَنَّ اسْمَ الْمُقْتَضِي يُطْلَقُ عَلَى الثَّالِثِ فَقَطْ، وَسَمَّوْا الْبَاقِيَ مَحْذُوفًا وَمُضْمَرًا، وَقَالُوا بِالْعُمُومِ فِي الْمُضْمَرِ دُون الْمُقْتَضِي.

[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ حَذْفُ الْمَعْمُولِ يُشْعِرُ بِالتَّعْمِيمِ]

[الْمَسْأَلَةُ] الْخَامِسَةُ

حَذْفُ الْمَعْمُولِ نَحْوُ زَيْدٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ، يُشْعِرُ بِالتَّعْمِيمِ، وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ} [يونس: ٢٥] ، أَيْ كُلَّ أَحَدٍ وَهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأُصُولِيُّونَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْبَيَانِ، وَفِيهِ بَحْثٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ الْقَرَائِنِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمُقَدَّرَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فَالتَّعْمِيمُ مِنْ عُمُومِ الْمُقَدَّرِ سَوَاءٌ ذُكِرَ أَوْ حُذِفَ، وَإِلَّا فَلَا دَلَالَةَ عَلَى التَّعْمِيمِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعُمُومَ فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ دَلَالَةُ الْقَرِينَةِ عَلَى أَنَّ الْمُقَدَّرَ عَامٌّ، وَالْحَذْفُ إنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ الِاقْتِضَاءِ لَا التَّعْمِيمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>