للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الِاسْتِحْسَانُ]

ُ وَقَدْ نُوزِعَ فِي ذِكْرِهِ فِي جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ بِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ الْعَقْلِيَّ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، وَالِاسْتِحْسَانُ الشَّرْعِيُّ لَا يَخْرُجُ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ، فَمَا وَجْهُ ذِكْرِهِ؟ وَهُوَ لُغَةً: اعْتِمَادُ الشَّيْءِ حَسَنًا، سَوَاءٌ كَانَ عِلْمًا أَوْ جَهْلًا، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوْلُ بِالِاسْتِحْسَانِ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَا يُنَبِّئُ عَنْ انْتِحَالِ مَذْهَبٍ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَمَا اقْتَضَتْهُ الْحُجَّةُ الشَّرْعِيَّةُ هُوَ الدِّينُ سَوَاءٌ اسْتَحْسَنَهُ نَفْسُهُ أَمْ لَا. وَنَسَبَ الْقَوْلَ بِهِ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ، وَقَدْ حَكَاهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ وَبِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَنْكَرَ أَصْحَابُهُ مَا حَكَى الشَّافِعِيُّ عَنْهُ، وَنَسَبَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَى مَالِكٍ، وَأَنْكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَقَالَ: لَيْسَ مَعْرُوفًا مِنْ مَذْهَبِهِ. وَقَدْ أَنْكَرَهُ الْجُمْهُورُ، حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ: " مَنْ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ ". وَهِيَ مِنْ مَحَاسِنِ كَلَامِهِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَمَعْنَاهُ أَنْ يَنْصِبَ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ شَرْعًا غَيْرَ شَرْعِ الْمُصْطَفَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>