وَقَدْ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَآهُ وَعَلَيْهِ إزَارٌ يَتَقَعْقَعُ، يَعْنِي جَدِيدًا، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت: عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: إنْ كُنْتَ عَبْدَ اللَّهِ فَارْفَعْ إزَارَك، قَالَ: فَرَفَعْتُهُ وَكَانَ طَوِيلًا» .
فَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: عَبْدُ اللَّهِ، يَعْنِي أَنَا عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ مُفْرَدٌ، لِأَنَّهُ أَرَادَ الْعَلَمِيَّةَ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إنْ كُنْت عَبْدَ اللَّهِ) فَهُوَ مُرَكَّبٌ تَرْكِيبًا إضَافِيًّا، لِأَنَّ مُرَادَهُ نِسْبَةُ الْعُبُودِيَّةِ إلَى اللَّهِ، فَالْإِفْرَادُ الْعِلْمِيُّ طَارَ عَلَى التَّرْكِيبِ الْإِضَافِيِّ، وَهُوَ يَلُوحُ فِيهِ.
وَيُقَالُ لِلْمُرَكَّبِ: مُؤَلَّفٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ كَمَا قَالَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرَكَّبَ مَا دَلَّتْ أَجْزَاؤُهُ إذَا انْفَرَدَتْ، وَلَا تَدُلُّ إذَا كَانَتْ أَجْزَاءً كَعَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَلَمًا كَانَ بِمَنْزِلَةِ زَيْدٍ، فَلَا تَدُلُّ أَجْزَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى شَيْءٍ، وَلَوْ انْفَرَدَتْ الْأَجْزَاءُ كَانَتْ دَالَّةً، لِأَنَّ عَبْدًا دَلَّ عَلَى ذَاتٍ اتَّصَفَتْ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَالْمُؤَلَّفُ مَا دَلَّتْ الْأَجْزَاءُ فِي حَالِ الْبَسَاطَةِ وَحَالِ التَّرْكِيبِ، كَقَوْلِنَا: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ يَدُلُّ إذَا انْفَرَدَ، وَإِذَا كَانَ جُزْءًا
[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]
وَيَنْقَسِمُ الْمُفْرَدُ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ إلَى اسْمٍ وَفِعْلٍ وَحَرْفٍ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ رَابِعًا وَيُسَمِّيهِ خَالِفًا، وَهُوَ الظَّرْفُ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ أَوْ أَسْمَاءُ الْأَفْعَالِ.
وَالصَّوَابُ: أَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ الْأَسْمَاءِ، قَالُوا: وَدَلِيلُ الْحَصْرِ أَنَّ الْمَعَانِيَ ثَلَاثَةٌ: ذَاتٌ، وَحَدَثٌ، وَرَابِطَةٌ لِلْحَدَثِ بِالذَّاتِ. فَذَاتٌ: الِاسْمُ، وَالْحَدَثُ: الْفِعْلُ، وَالرَّابِطَةُ: الْحَرْفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute