للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مِنْ صِيَغ النَّهْي التَّحْرِيم]

وُرُودُ صِيغَةِ النَّهْيِ لِمَعَانٍ] وَتَرِدُ صِيَغُهُ النَّهْيِ لِمَعَانٍ: أَحَدُهَا: لِلتَّحْرِيمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢] الثَّانِي: الْكَرَاهَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] وَمَثَّلَهُ الْهِنْدِيُّ بِقَوْلِهِ {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٥] أَيْ عَلَى عُقْدَةِ النِّكَاحِ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ كَقَوْلِهِ {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: لِأَنَّهُ حَثَّهُمْ عَلَى إنْفَاقِ أَطْيَبِ أَمْوَالِهِمْ، لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ إنْفَاقُ الْخَبِيثِ مِنْ التَّمْرِ أَوْ الشَّعِيرِ مِنْ الْقُوتِ، وَإِنْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ مَا فَوْقَهُ، وَهَذَا إنَّمَا نَزَلَ فِي الْأَقْنَاءِ الَّتِي كَانَتْ تُعَلَّقُ فِي الْمَسْجِدِ فَكَانُوا يُعَلِّقُونَ، الْحَشَفَ. قَالَ: فَالْمُرَادُ بِالْخَبِيثِ هُنَا الْأَرْدَأُ، وَقَدْ يَقَعُ عَلَى الْحَرَامِ، كَقَوْلِهِ: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَقَدْ يُعَلَّلُ بِالتَّوَهُّمِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَدِيٍّ فِي الْعَبْدِ: «إنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ قَدْ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» فَنَبَّهَهُ عَلَى مَظِنَّةِ الشُّبْهَةِ احْتِيَاطًا.

الثَّالِثُ: الْأَدَبُ، كَقَوْلِهِ {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>