وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": لَا خَفَاءَ أَنَّ مَرَاتِبَ السُّنَنِ مُتَفَاوِتَةٌ فِي التَّأْكِيدِ، وَانْقِسَامِ ذَلِكَ إلَى دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ وَمُتَوَسِّطَةٍ، وَنَازِلَةٍ وَذَلِكَ بِحَسَبِ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى الطَّلَبِ، فَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهِيَ طَرِيقَةُ الشَّافِعِيَّةِ إلَّا أَنَّهُمْ رُبَّمَا فَرَّقُوا بِلَفْظِ الْهَيْئَاتِ. قَالَ: وَأَمَّا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كَلَامِ صَاحِبِ " الذَّخَائِرِ " فَإِنَّهُ حَكَى وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ غَسْلَ الْكَفِّ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَوْ مِنْ فَضَائِلِهِ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يُتْرَكُ الْمَنْدُوبُ إذَا صَارَ شِعَارًا لِلْمُبْتَدِعَةِ]
ِ] وَلَا يُتْرَكُ لِكَوْنِهِ صَارَ شِعَارًا لِلْمُبْتَدِعَةِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِهَذَا تُرِكَ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ، وَالْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ، وَالْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وَتَسْطِيحُ الْقُبُورِ مُحْتَجًّا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ الْقِيَامَ لِلْجِنَازَةِ لَمَّا أُخْبِرَ أَنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ» . وَأُجِيبُ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُشَرِّعٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَا يَتْرُكُ سُنَّةً صَحَّتْ عَنْهُ، وَفَصَّلَ الْغَزَالِيُّ بَيْنَ السُّنَنِ الْمُسْتَقِلَّةِ وَبَيْنَ الْهَيْئَاتِ التَّابِعَةِ، فَقَالَ: لَا يُتْرَكُ الْقُنُوتُ إذَا صَارَ شِعَارًا لِلْمُبْتَدِعَةِ بِخِلَافِ التَّسْطِيحِ، وَالتَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهَا هَيْئَاتٌ تَابِعَةٌ، فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَالصَّحِيحُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute