الظَّاهِرِ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْآيَةِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بَيَانُ حُكْمٍ مُبْتَدَأٍ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَائِدَةِ. قُلْت: وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عَكْسُهَا.
[مَسْأَلَةٌ طُرُقُ إثْبَاتِ فِعْلِ النَّبِيّ]
مَسْأَلَةٌ [طُرُقُ إثْبَاتِ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] إذَا قُلْنَا فِي أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ، فَلَنَا فِي مَعْرِفَتِهِ ثَلَاثَ طُرُقٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يُنْقَلَ إلَيْنَا أَنَّهُ فَعَلَهُ تَوَاتُرًا أَوْ آحَادًا، كَفِعْلِ التَّكْبِيرِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَالِاعْتِدَالِ، فَإِنَّهُ مَنْقُولٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَعَلَ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ وَجَبَ عَلَيْنَا فِعْلُهُ. الثَّانِي: أَنْ نَقُولَ هَذَا الْفِعْلُ أَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ لَا يُوَاظِبُ عَلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى الْأَفْضَلِ، وَكَقَوْلِنَا: الْوُضُوءُ الْمُرَتَّبُ الْمَنْوِيُّ أَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ حَاصِلٌ بِأَنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ لَا يُوَاظِبُ عَلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ، فَثَبَتَ إتْيَانُهُ بِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْنَا مِثْلُهُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ تَرَكَ النِّيَّةَ وَالتَّرْتِيبَ، لَوَجَبَ عَلَيْنَا تَرْكُهُ؛ لِدَلِيلِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ كَمَا تَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ تَكُونُ فِي التُّرُوكِ، وَلَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْنَا تَرْكُهُ، ثَبَتَ أَنَّهُ مَا تَرَكَهُ، بِفِعْلِهِ، وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ: «النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالتَّحِيَّاتِ» ، فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ نَصٍّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا، حَكَمْنَا بِهِ، وَيَكُونُ تَخْصِيصُ عُمُومٍ، وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ، لَكِنْ لَا نَطْمَعُ بِالْإِجْمَاعِ لِمُخَالَفَةِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُفِيدُ الْقِيَاسُ، كَقَوْلِهِمْ: الْقِيَامُ هَيْئَةٌ مُعْتَادَةٌ، وَلَا تَتَمَيَّزُ الْعَادَةُ فِيهِ مِنْ الْعِبَادَةِ، إلَّا بِسَبَبِ مَا فِيهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute