للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ قَوْلُ الْقَائِلِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا هَلْ هُوَ إجْمَاعٌ]

ٌ] قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَذَا. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: لَا يَكُونُ إجْمَاعًا، لِجَوَازِ الِاخْتِلَافِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْإِحْكَامِ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِعْرَابِ ": إنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ " وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَإِنَّمَا يَسُوغُ هَذَا الْقَوْلُ لِمَنْ بَحَثَ الْبَحْثَ الشَّدِيدَ، وَعَلِمَ أُصُولَ الْعِلْمِ، وَحَمَلَهُ، فَإِذَا عَلِمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، لَمْ يَجُزْ الْخُرُوجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَمْ يَظْهَرْ، وَلِهَذَا لَا نَقُولُ لِلْإِنْسَانِ عَدْلٌ قَبْلَ الْخِبْرَةِ، فَإِذَا عَلِمْنَاهُ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ مُسْلِمٌ حَكَمْنَا بِعَدَالَتِهِ، وَإِنْ جَازَ خِلَافُ مَا عَلِمْنَاهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا يَظْهَرُ، إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَهُوَ حُجَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الَّذِينَ كَشَفُوا الْإِجْمَاعَ وَالِاخْتِلَافَ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا قَالَ: لَا أَعْرِفُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَمِمَّنْ أَحَاطَ عِلْمًا بِالْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ، لَمْ يَثْبُتْ الْإِجْمَاعُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا، فَأَثْبَتَ الْإِجْمَاعَ بِهِ قَوْمٌ، وَنَفَاهُ آخَرُونَ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الْعَالِمَ إذَا قَالَ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا، فَهُوَ إجْمَاعٌ، وَهُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ، إنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَجْمَعَ مِنْهُ لِأَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَكِنْ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>