للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ تَرْتِيبِ الْأَسْئِلَةِ]

فَصْلٌ

اخْتَلَفُوا فِي تَرْتِيبِ الْأَسْئِلَةِ عَلَى مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: لَا يَجِبُ تَرْتِيبُهَا، وَلَا حَجْرَ عَلَى الْمُعْتَرِضِ فِيمَا يُورِدُهُ مِنْهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ اتَّفَقَ.

الثَّانِي: يَجِبُ التَّرْتِيبُ، إذْ لَوْ جَاوَزْنَا إيرَادَهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ اتَّفَقَ لَأَدَّى إلَى التَّنَاقُضِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَدْ يُوجَدُ الْمَنْعُ بَعْدَ الْمُعَارَضَةِ، أَوْ يُوجَدُ النَّقْضُ أَوْ الْمُطَالَبَةُ قَبْلَ الْمَنْعِ ثُمَّ يُمْنَعُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْعِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَالْإِنْكَارِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ. قَالَ الْآمِدِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَارِفًا، وَإِلَّا فَيَفُوتُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مَقْصُودِهِ فِي الِاسْتِرْشَادِ.

الثَّالِثُ: إنْ اتَّحَدَ جِنْسُ السُّؤَالِ، كَالنَّقْضِ وَالْمُطَالَبَةِ وَالْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ جَازَ إيرَادُهَا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ، لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ. وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ سُؤَالٍ وَاحِدٍ وَحَكَى الْآمِدِيُّ فِي هَذَا الْقِسْمِ اتِّفَاقَ الْجَدَلِيِّينَ. فَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَجْنَاسُهَا، كَالْمَنْعِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَالنَّقْضِ وَالْمُعَارَضَةِ وَنَحْوِهِ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَتْ الْأَسْئِلَةُ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ قَالَ الْآمِدِيُّ: فَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا إلَّا أَهْلَ سَمَرْقَنْدَ، فَإِنَّهُمْ أَوْجَبُوا الِاقْتِصَارَ عَلَى سُؤَالٍ وَاحِدٍ لِقُرْبِهِ إلَى الضَّبْطِ وَبُعْدِهِ عَنْ الْخَبْطِ. وَإِنْ كَانَتْ مُرَتَّبَةً، كَالْمَنْعِ وَالْمُعَارَضَةِ، فَيُقَدَّمُ الْمَنْعُ ثُمَّ الْمُعَارَضَةُ وَلَا يُعْكَسُ هَذَا التَّرْتِيبُ، وَإِلَّا لَزِمَ الْإِنْكَارُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْجَدَلِيِّينَ.

وَقِيلَ: لَا يُمْنَعُ ذَلِكَ بَعْدَ تَسْلِيمِ وُجُودِ الْوَصْفِ وَإِنْ سَلَّمَ عَنْ الْمَنْعِ تَقْدِيرًا فَلَا يُسَلِّمُ عَنْ الْمُطَالَبَةِ وَغَيْرِهَا. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>