[الثَّانِي تَحْقِيقِ مُقْتَضَى مَفْهُوم الْمُخَالِفَة]
الْمَوْضِعُ الثَّانِي: اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي تَحْقِيقِ مُقْتَضَاهُ، أَنَّهُ هَلْ دَلَّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَا الْمَنْطُوقَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمُثْبَتِ فِيهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ، أَوْ اخْتَصَّتْ دَلَالَتُهُ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ؟ فَإِذَا قَالَ: فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ. فَهَلْ نَفَيْنَا الزَّكَاةَ عَنْ الْمَعْلُوفَةِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ، أَوْ لَمْ نَنْفِ إلَّا عَنْ مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَسُلَيْمٌ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَالْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَالصَّحِيحُ تَخْصِيصُهُ بِالنَّفْيِ عَنْ مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمَنْطُوقِ. وَوَجْهُ النَّفْيِ مُطْلَقًا أَنَّ السَّوْمَ كَالْعِلَّةِ فَيَنْتَفِي بِانْتِفَائِهَا، وَكَذَا صَحَّحَ سُلَيْمٌ أَنَّ النَّفْيَ عَنْ مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ فَقَطْ، لَكِنْ صَحَّحَ أَبُو الْحَسَنِ السُّهَيْلِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي " أَدَبِ الْجَدَلِ " لَهُ الثَّانِي. قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
[الثَّالِثُ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة ظَاهِرٌ لَا يَرْتَقِي إلَى الْقَطْعِ]
الثَّالِثُ: أَنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يَرْتَقِي إلَى الْقَطْعِ. وَكَلَامُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَطْعِيًّا. وَعَلَى الْأَوَّلِ: فَهَلْ يَصِحُّ إسْقَاطُهُ بِجُمْلَتِهِ حَتَّى يَكُونَ كَإِزَالَةِ الظَّاهِرِ، أَوْ لَا وَإِنَّمَا يُؤَوَّلُ حَتَّى يُرَدَّ إلَى الْبَعْضِ كَمَا فِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ؟ قَالَ الْإِمَامُ فِي " الْبُرْهَانِ ": يَصِحُّ إسْقَاطُهُ بِجُمْلَتِهِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إسْقَاطِ الْمَفْهُومِ بِكَمَالِهِ بَقِيَ اللَّفْظُ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ بِالنُّطْقِ، فَلَمْ يَتَعَطَّلْ اللَّفْظُ بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْعُمُومِ كُلُّ أَفْرَادِهِ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ اللَّفْظِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إسْقَاطَ الْمَفْهُومِ بِالْكُلِّيَّةِ كَتَخْصِيصِ الْعُمُومِ. وَحُكِيَ فِي " الْمَنْخُولِ " عَنْ ابْنِ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَرْكِ بَقِيَّةٍ كَمَا فِي الْمَنْطُوقِ. قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute