للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا لِأَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ يُزَاحِمُ أَصْحَابَ قَتَادَةَ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ. أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُعَدَّ مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِهِ، وَرَوَى الْحَدِيثَ دُونَهُمْ، فَأَوْرَثَ شَكًّا. قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَهَذَا الَّذِي تَخَيَّلَهُ أَصْحَابُنَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ: الْكَلَامُ وَاقِعٌ فِي رَجُلٍ ثِقَةٍ عَدْلٍ فَتُقْبَلُ سَائِرُ رِوَايَاتِهِ، فَكَيْفَ يُرَدُّ حَدِيثُهُ. قَالَ: وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ بِمَذْهَبِنَا، فَإِنَّا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، وَهَذَا مِثْلُهُ.

[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ بَعْدَ رِوَايَتِهِ]

ِ] إنْكَارُ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ بَعْدَ رِوَايَتِهِ حُكْمُهُ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَاهُ. قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إذَا رَجَعَ الرَّاوِي عَمَّا رَوَاهُ، وَقَالَ: كُنْت أَخْطَأْت فِيهِ، وَجَبَ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْعَدْلِ الثِّقَةِ الصِّدْقُ فِي خَبَرِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْبَلَ رُجُوعُهُ فِيهِ كَأَصْلِ رِوَايَتِهِ. فَإِنْ قَالَ: تَعَمَّدْت الْكَذِبَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي أُصُولِهِ: لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ خَبَرِهِ فِيمَا نُقِلَ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا تَشَكَّكَ الرَّاوِي فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لَهُ]

ُ] فَأَمَّا مَا ذَكَرَ الرَّاوِي شَكًّا مُبْتَدَأً، فَإِنَّهُ يَكُونُ قَادِحًا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ شَكَّ بَعْدَمَا رَوَاهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ التَّشْكِيكِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ الْمُحَدِّثُ فِي " الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ "، وَنَازَعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ الْمَوَّاقِ. وَقَالَ: تَشْكِيكُ الرَّاوِي بَعْدَ الْيَقِينِ عِنْدِي غَيْرُ قَادِحٍ فِيمَا حَدَّثَ بِهِ أَوَّلًا عَلَى الْيَقِينِ. فَإِنَّ شَكَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>