عَلَى نَفْيٍ أَوْ تَقْدِيمِ النَّفْيِ عَلَيْهَا، نَحْوُ لَمْ أَرَ الْقَوْمَ كُلَّهُمْ، وَالْقَوْمُ كُلُّهُمْ لَمْ أَرَهُمْ، فَيَكُونُ الْأَوَّلُ لِسَلْبِ الْعُمُومِ، وَالثَّانِي لِعُمُومِ السَّلْبِ كَمَا إذْ تَقَدَّمَ فِي الْمُضَافَةِ؟ قَالَ الْقَرَافِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَيُحْتَمَلُ طَرْدُ الْحُكْمِ فِي الْبَابَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّفْرِقَةَ مِنْ حَقَائِقِ الْمُسْتَقِلَّةِ دُونَ التَّابِعَةِ، وَرَجَّحَ هَذَا لِأَنَّ وَضْعَ التَّأْكِيدِ تَقْرِيرُ السَّابِقِ، فَلَوْ تَقَدَّمَ النَّفْيُ عَلَيْهِ لَا يَعُمُّ، فَيَبْطُلُ حُكْمُ الْعُمُومِ. قُلْت: لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ فِي " الْبُرْهَانِ " بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ التَّسْوِيَةُ.
[اللَّفْظُ الثَّانِي جَمِيعٌ]
ٌ " وَمَا يَتَصَرَّفُ مِنْهَا كَأَجْمَعَ وَأَجْمَعُونَ، وَهِيَ مِثْلُ " كُلِّ " إذَا أُضِيفَتْ، وَلَا تُضَافُ إلَّا إلَى مَعْرِفَةٍ، وَتَكُونُ لِإِحَاطَةِ الْأَجْزَاءِ؛ لَكِنْ يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ دَلَالَةَ " كُلٍّ " عَلَى كُلِّ فَرْدٍ بِطَرِيقِ النُّصُوصِيَّةِ، بِخِلَافِ " جَمِيعٍ ". وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ " كُلًّا " تَعُمُّ الْأَشْيَاءَ عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ، وَ " جَمِيعًا " تَعُمُّهَا عَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْفَارِضِ الْمُعْتَزِلِيُّ فِي كِتَابِهِ " النُّكَتِ " أَنَّ الزَّجَّاجَ حَكَاهُ عَنْ الْمُبَرِّدِ. قُلْت: وَإِنَّمَا نَقَلَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَجْمَعِينَ فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: ٣٠] وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْخَشَّابِ، وَابْنُ إيَازٍ، وَنَقَلَ ابْنُ بَابْشَاذَ عَنْهُ خِلَافَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute