الْمَعْنَيَيْنِ طَرِيقٌ مِنْ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِ اللَّفْظِ حَقِيقَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِحُسْنِ الِاسْتِفْهَامِ عَنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ هُوَ طَلَبُ الْفَهْمِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ عِنْدَ تَرَدُّدِ الذِّهْنِ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَرَدَّهُ الْإِمَامُ، فَإِنَّ الِاسْتِفْهَامَ قَدْ يَكُونُ لِمَعَانٍ شَتَّى غَيْرَ الِاشْتِرَاكِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ ظَاهِرًا وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ.
[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]
وَذَلِكَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَكْثَرُ يَقَعُ مِنْ وَاضِعَيْنِ بِأَنْ يَضَعَ أَحَدُهُمَا لَفْظًا لِمَعْنًى، ثُمَّ يَضَعُهُ الْآخَرُ لِمَعْنًى آخَرَ، كَالسُّدْفَةِ فِي لُغَةِ نَجْدٍ الظُّلْمَةُ، وَفِي لُغَةِ غَيْرِهِمْ الضَّوْءُ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي " الصِّحَاحِ "، وَلَا حَاجَةَ لِقَيْدِ الْتِبَاسِ الْوَاضِعَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ " زَاعِمًا أَنَّ اللَّفْظَ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدٌ، إذْ لَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ، لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِمَعْنَيَيْنِ، وَإِنْ كَانَ وَاضِعَاهُ مَعْرُوفَيْنِ.
الثَّانِي: وَاضِعٌ وَاحِدٌ وَلَهُ فَوَائِدُ. مِنْهَا: غَرَضُ الْإِبْهَامِ عَلَى السَّامِعِ حَيْثُ يَكُونُ التَّصْرِيحُ سَبَبًا لِمَفْسَدَةٍ، وَمِنْهَا: اسْتِعْدَادُ الْمُكَلَّفِ لِلْبَيَانِ، هَكَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَغَيْرُهُ.
وَعَنْ الْمُبَرِّدِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ إنْكَارُ وُقُوعِهِ مِنْ وَاضِعٍ وَاحِدٍ، وَسَبَقَ كَلَامُ ابْنِ الْحُوبِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute