[الْبَابُ السَّادِسُ فِي أَرْكَانِ الْقِيَاس] [الرُّكْن الْأَوَّل الْأَصْلِ]
الْبَابُ السَّادِسُ فِي أَرْكَانِهِ
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَصْلُ، وَالْفَرْعُ، وَالْعِلَّةُ، وَحُكْمُ الْأَصْلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْقِيَاسِ، كَقَوْلِنَا فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ: طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ، فَوَجَبَ أَنْ تَحْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ كَالتَّيَمُّمِ، فَالْوُضُوءُ هُوَ الْفَرْعُ، وَالتَّيَمُّمُ هُوَ الْأَصْلُ، وَالطَّهَارَةُ عَنْ حَدَثٍ هِيَ الْوَصْفُ، وَقَوْلُنَا وَجَبَ هُوَ الْحُكْمُ. وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ.
وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَتْرُكُ التَّصْرِيحَ بِالْحُكْمِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ كَالتَّيَمُّمِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ كَمَا قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي بَابِ " أَدَبِ الْجَدَلِ " فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ إلَّا بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالْحُكْمِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيَكُونُ الْحُكْمُ مُحَالًا إلَى السُّؤَالِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
مَسْأَلَةٌ
اُخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ أَمْرٍ خَامِسٍ أَنَّهُ: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْجَامِعُ مُسْتَنْبَطًا بِالنَّظَرِ وَالْفِكْرِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَلِهَذَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ إلْحَاقَ الْعَبْدِ بِالْأَمَةِ، وَالضَّرْبِ بِالتَّأْفِيفِ، هَلْ يُسَمَّى قِيَاسًا؟ الْأَوَّلُ: الْأَصْلُ
وَحَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ خِلَافًا فِي رُكْنِيَّتِهِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ بِغَيْرِ أَصْلٍ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ خَلَطَ الِاجْتِهَادَ بِالْقِيَاسِ. وَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَصْلٍ، لِأَنَّ الْفُرُوعَ لَا تَتَفَرَّعُ إلَّا عَنْ أُصُولٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute